الاثنين، 13 ديسمبر 2010

حوار و آراء من قناة العربية حول الفيلم الوثائقي : أتاتورك.


اسم البرنامج: مشاهد وآراء، مقدم البرنامج: ميسون عزام، تاريخ الحلقة: الخميس 4/5/2006
ضيوف الحلقة: د. مسعود ضاهر (مؤرخ وأستاذ التاريخ الحديث – بيروت)د. محمد نور الدين (أستاذ جامعي ومتخصص في الشؤون التركية – بيروت)د. حمد بن صراي (رئيس قسم التاريخ في جامعة الإمارات - الأستوديو)
مشاهد وآراء: البرنامج يتكون من جزئين الأول يمثل فيلماً وثائقياً يطرح قضية مثيرة للجدل والجزء الثاني يستضيف خبراء ومختصين لمناقشة القضايا والآراء التي يطرحها الفيلم الوثائقي هي:

 
1- الفيلم الوثائقي 2- مناقشة الفيلم الوثائقي

ميسون عزام:
 
مشاهدينا أهلاً بكم وهذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء، تسعة عقود كاملة مرت على وفاة مصطفى كمال أتاتورك، ومع ذلك ما زالت شخصيته لغزاً وأفكاره موضع خلاف حاد في تركيا والشرق الأوسط والعالم الإسلامي أجمع، الفيلم الوثائقي "أتاتورك" يحاول أن يقدم صورة عن هذا الرجل الذي غيّر وجه تركيا وربما الشرق الأوسط بأكمله إلى الأبد، لنتابعه معاً في سياق هذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء.

الفيلم الوثائقي "أتاتورك"

التعليق الصوتي: 

كان عسكرياً لا يستسلم ورجل دولة ثورياً، في عام 1915 ألحق بالبريطانيين أكثر الهزائم دماراً في تاريخهم، وفي عام 1918 خرج من الحرب العالمية الأولى القائد العسكري الوحيد الذي لم يُمنى بأي هزيمة، وبعد أربع سنوات قاد شعبه في نضاله ضد القوات اليونانية الغازية وأعاد إليه الاستقلال، في عام 1923 أسس على أنقاض الإمبراطورية العثمانية جمهورية تركيا وأصبح أول رئيس لها والبلد الذي أسّسه أصبح عضواً في حلف شمال الأطلسي ورمزاً للديمقراطية في الشرق الأوسط، اعتبره ستالين فاشياً وهتلر وموسوليني قالا إنه شيوعي، ونعته آخرون بالديكتاتور، أما شعبه فقد لقبوه بأتاتورك والد تركيا.
[أتاتورك]التعليق الصوتي: 
الإمبراطورية العثمانية القوية هذه الإمبراطورية متعددة الجنسية واللغة كانت لقرون أمجد إمبراطوريات العالم وأكثرها مهابة، وفي ذروة قوتها في ظل حكم سليمان الكبير في القرن السادس عشر اتسعت الإمبراطورية لتشمل أوروبا الجنوبية وشبه الجزيرة العربية وآسيا الصغرى وشمالي إفريقيا طارقةً أبواب فيينا، وفي أواخر القرن التاسع عشر أيام مجد العثمانيين أضحت طيّ الماضي متخلفة عن التقدم الحاصل في بقية أرجاء العالم، فقد سخرت قوى الغرب من الإمبراطورية ولقّبتها بالرجل المريض، بعد محاولة فاشلة في إقامة ديمقراطية دستورية عام 1876 تنامت سلطة السلطان المطلقة ونفوذ الدين على الإمبراطورية العثمانية، وفي ظل حكم عبد الحميد الثاني الخليفة والسلطان خليفة على العالم الإسلامي سلطان في الدولة، حوّل عبد الحميد البلد إلى دولة بوليسية وحكم بلا رأفة طيلة 33 عاماً، في ظل هذا الحكم الطغياني وفي ظل المد القومي وفي ظل الاضطرابات الداخلية وُلد أتاتورك عثمانياً وقُدّر له أن يموت تركياً، سير لانيكا هذا المرفأ الأوروبي الحيوي داخل الإمبراطورية العثمانية ضم يهوداً وأتراكاً ويونانيين وأرامنة ومسيحيين آخرين من البلقان، زبيدة هانم وزوجها علي رضا أفندي عاشا في المنطقة التركية من هذه المدينة المتعددة الجنسية في عام 1881 وبعد وفاة أولادهما الثلاثة جميعاً شهدا ولادة ابن بديل.

فاميك فولكان: مصطفى كمال أتاتورك ولد في بيت غارق بالحداد، في بيت موت.نورمان أبتزكويتز: كانت والدته شابة وأنجبت أولاداً قبله وماتوا، وهو من ناحية نفسية الابن البديل وعليه فقد كان مميزاً للغاية بالنسبة إلى والدته وإلى جميع أفراد الأسرة.

فاميك فولكان: الحدث المهم الثاني في علاقة الأمومة المبكرة كان وفاة والده وقبل وفاته قدّم لابنه هدية.

نورمان أبتزكويتز: كانت أمه أكثر تديناً وعرف عنها تداولها بالمواضيع الدينية، وأرادت له دخول المدرسة المحلية في المسجد وربما أن يطمح إلى مستقبل ديني ليصبح عالماً دينياً، أما والده فقد أراد له دخول مدرسة غربية افتُتحت حديثاً، لهذا جارى والده والدته وأدخله في اليوم الأول المدرسة الدينية المحلية ثم أخرجه وأدخله المدرسة الغربية.

التعليق الصوتي: 

والد مصطفى لم يغير قدر ابنه فقط بل قدر الأمة التركية أيضاً، بعد أن رأى الفرق بين المدارس الدينية والغربية توصل مصطفى إلى تثمين التربية العصرية والحرية الفكرية، بعد مشقات عدة وتنقله إلى مدارس أخرى بعد وفاة أبيه دخل مصطفى الذي عُرف بعدها بمصطفى كمال دخل مدرسة تأهيل العسكرية عام 1895 متغيباً لأول مرة عن منزله، أخذ يطلع على الوضع الأشمل خارج المدينة وفي الجزء الأوروبي من الإمبراطورية.فاميك فولكان: مصطفى كمال الشاب اختبر التعددية الإثنية والأفكار القومية والثقافات الغربية واليهودية.التعليق الصوتي: وفي المدرسة بدأ في سره بالتهام الأعمال المحظورة للفلاسفة الفرنسيين المشهورين والشاعر الوطني التركي نعمت كمال، بدأ مصطفى كمال الشاب بالتفكير بحلول واقعية للظروف الاستبدادية في البلد ومستقبله الكبير، كان المدرسون الأجانب الذين استخدمهم الباب العالي يحرضون الأقليات ضد الإمبراطورية، وفي ظل أجواء المكائد والخيانة لم يستطع مصطفى كمال منع تنامي مشاعره القومية والوطنية، وفي عام 1899 تخرج مصطفى كمال ودخل الكلية الحربية في اسطنبول، اسطنبول هي عاصمة الإمبراطورية كانت مقسمة إلى مناطق بدائية يسكنها الأتراك ومناطق يسكنها الأجانب والأثرياء والأقليات، سيطر الأجانب على اقتصاد الإمبراطورية وسياستها الداخلية وشكّلوا كياناً منيعاً، بينما أُجبر الأتراك على العيش كالسجناء على أرضهم، لم يُسمح بتوجيه أي انتقاد للسلطان وتفشى الفساد وانقلب الصديق على صديقه والأخ على أخيه، ولم تكن الكلية الحربية للإمبراطورية بمعزل عن ذلك فقد أمّها الآلاف وكانت أوضاعها الصحية مزرية وتعجّ بجواسيس السلطان، وقد فاقت أوضاع الكلية المثيرة للشفقة قدرة طلابها على التحمل.

فاميك فولكان: كانت بيئة جديدة بالنسبة إليه ولم يكن لديه أصدقاء في البداية فغرق في فترة من الاكتئاب خرج منها بسهولة ما إن تعرف على أصدقاء ومن بينهم كان بالطبع علي فؤاد.


التعليق الصوتي: 
في ظل الاستبداد المتنامي للسلطان كان مصطفى كمال يكره الطغيان وزاد اهتمامه بالحرية ووسائل تحقيقها.

إيزي سيبيزوي: كان مصطفى كمال وعلي فؤاد طالبيْن في الكلية الحربية وقد نشرا سراً بعض الأوراق التي تتحدث عن الوضع المزري للإمبراطورية العثمانية.


التعليق الصوتي: 
بدأ يهيمن على دائرة أصدقائه بأفكاره المتعلقة بمستقبل الإمبراطورية، ولم يصل مصطفى كمال أكثر إلى السياسة وحسب بل أصبح أيضاً أكثر طموحاً واعتبر نفسه مخلّص البلد.

نورمان أبتزكويتز: كان يجلس بين أصدقائه في المقاهي ويخبرهم عما سيحصل في مستقبلهم، فكان يشكل حكومة ويوزع عليهم الحقائب الوزارية لكنه هو يبقى الرئيس.
التعليق الصوتي: 
بعد تخرجه في كلية الأركان عام 1905 سُجن النقيب مصطفى كمال مؤقتاً لنشره أوراقاً غير قانونية، بعد أن أصبح عسكرياً مشبوهاً نُفي إلى دمشق وكان في الرابعة والعشرين من العمر فقط، خلال فترة نفيه التي امتدت إلى ثلاث سنوات في دمشق كان مصطفى كمال شاهداً على الفساد في الجيش وعلى الاستياء إزاء رعايا الإمبراطورية، كان وحيداً في دمشق، تصارع مع الاكتئاب والأرق بسبب وضعه المثير للشفقة ، أدرك أن التغيير لا يمكن أن يتحقق بالقوة بل يجب أن يكون منهجياً، فأنشأ هو وأصدقاؤه منظمة سرية اسمها "الوطن والحرية" وشعارها "حيث لا توجد حرية يوجد موت وإبادة" "الحرية هي الحل الوحيد"، قبل تحرك مصطفى كمال ثارت لجنة الاتحاد والترقي وهي منظمة سرية أخرى ضمت العديد من ضباط الجيش على السلطات عام 1908 وأعادت العمل بالدستور الذي أُلغي قبل إحدى وثلاثين سنة، بعد اضطراره إلى دمج منظمته مع اللجنة كان لمصطفى كمال دور ثانوي في الحدث التاريخي الذي كان سيُعرف بثورة تركيا الفتاة، بعد أن خاب أمله بدوره في الثورة ركّز مصطفى كمال على مستقبله العسكري فكتب وترجم الكتب العسكرية وبدأ يضع الخطط للدفاع عن الإمبراطورية بوجه أي هجوم محتمل من البلقان وبدأت شهرته بالاتساع كمخطط عسكري استراتيجي عالي المستوى وقائد ميداني بعد خدمته في سلانيك ومكاربي وطرابلس.
ستانفورد شاو: كان أتاتورك عسكرياً ألمعياً واستطاع التواصل مع الجندي العادي، لكنه لم يتفق مع رؤسائه لأنه حين كان يشعر بأنهم على خطأ كان يفصح لهم ونتيجة لذلك فإن كبار ضباط الجيش أرادوا دائماً إبعاد مصطفى كمال عنهم قدر الإمكان.
التعليق الصوتي: 
مع تفاقم الوضع في أوروبا علم كمال بقرب نشوب حرب عالمية مدركاً خطة القوى الغربية لتفكيك الإمبراطورية، أصرّ مصطفى كمال على بقاء الإمبراطورية على الحياد، لكن تم تجاهل رأيه، كان ولسنوات عدة ينتظر فرصته والحرب العالمية الأولى ستتيحها له، على الرغم من تحذيرات مصطفى كمال دخلت الإمبراطورية العثمانية إلى جانب ألمانيا والإمبراطورية النمساوية ضد بريطانيا العظمى وروسيا وفرنسا، بعد بقاء الخطوط على حالها على الجبهة الغربية تحولت كل الأنظار إلى الشرق.نايجيل ستيل: في نهاية ديسمبر عام 1914 تعرض الروس لضغوط هائلة في القوقاز فبعثوا يطلبون من الفرنسيين والإنجليز فعل شيء ما للمساعدة على إبعاد القوات التركية عن القوقاز وقد شكّل هذا الدافع لتسريع ما كان سيُعرف لاحقاً بمواجهات الدردانيل.

التعليق الصوتي:
 بعد حملة إقناع قوية من قبل وينستن تشرشل أمرت الحكومة البريطانية في الخامس من فبراير عام 1915 بالهجوم لاقتحام الدردانيل والاستيلاء على اسطنبول، قبل ثلاثة أيام فقط عُيّن المقدم مصطفى كمال قائداً للفرقة التاسعة عشرة في شبه جزيرة غالي بولي وكان حدثاً غير بارزاً في حينه لكنه سيغير نتيجة الحملة برمتها، على بعد أميال قليلة من مدينة طروادة القديمة هناك مضائق الدردانيل وشبه جزيرة غالي بولي التي شهدت أساطير الإسكندر الكبير وجيسن والألغوسيين، تؤدي هذه المضائق إلى بحر إجيه واسطنبول وصولاً إلى روسيا القيصرية من خلال البسفور، ويبقى سؤال نابليون التاريخي قائماً: من سيستولي على اسطنبول؟! في الثامنة عشر من مارس تجمع أكبر أسطول بحري شهده البحر الأبيض المتوسط وبدأ الحلفاء هجومهم على الدردانيل، لحظة بدا أن السفن متجهة لتحقيق اختراق وقعت الكارثة في ظل قصف مكثف من القوات التركية، اصطدمت السفينة الفرنسية كوفيه والسفينتان البريطانيتان إريل ستيبل وأوشن بألغام ألقتها السفينة التركية يوسلات وغرقت، في نهاية المعركة غرقت ثلاث سفن بينما أُعطبت ثلاث سفن أخرى، وبالمقابل لم يتحقق شيء فقد مُنيت البحرية البريطانية الفائقة القوة بهزيمة مذهلة على أيدي رجل أوروبا المريض.
نايجيل ستيل: بعد محاولة البريطانيين اقتحام المضائق وصدهم في الثامن عشر من مارس أدرك القائد البحري الجنرال جون ديرو بيك والقائد العسكري الجنرال هاملتون ضرورة تنفيذ إنزال لتطهير الساحل الأوروبي من شبه الجزيرة قبل معاودة البحرية محاولة تنظيف المضائق.
التعليق الصوتي: 
بدأ هاملتون وأركانه مباشرة بوضع خطط لما سيكون أكبر عملية إنزال وأكثرها طموحاً في تاريخ العالم قبل إنزال النورمندي في الحرب العالمية الثانية، بعد شهر من التخطيط الدقيق قام الحلفاء بغطاء من قصف البحرية بعملية إنزال في غالي بولي صباح الخامس والعشرين من أبريل عام 1915، نزل الجنود الأستراليون والنيوزلنديون الذين عرفوا بالآنزاك في آري بونو وشيفرتها لديهم مونتيري، حين لم يلقوا أي مقاومة تركية تذكر اتجه الآنزاك إلى الداخل إلى تشانيك بير.نايجيل ستيل: ترك كمال رجاله وهبط السفح نحو تشانيك بير حيث وجد عدداً ضئيلاً من المدافعين يتراجعون أمام الأستراليين المتقدمين، اصطحب المدافعين من القوات التركية وقال لهم: إن عليهم العودة إلى القتال، ورغم شكواهم من افتقادهم للذخيرة أوقفهم وأمرهم بتركيز الحراب والانبطاح.التعليق الصوتي: بينما تردد الآنزاك وصل جنود مصطفى كمال إلى المنطقة واشتركوا في القتال وهو في طليعتهم، علم أن فرصته ليكون مخلّص بلده قد حانت أخيراً، أراد أن يعرف العالم من هو مصطفى كمال؟ أو يموت وهو يحاول ذلك، قتاله الشرس واستعداده للموت جعل جنوده يخاطرون حتى الموت بناء على أوامره فقال: لا آمركم بالقتال بل آمركم بالموت، والوقت الذي يستغرقه موتنا يتيح لجنود آخرين المجيء والحلول مكاننا، في نهاية يوم من القتال الشرس والبسالة من قبل الطرفين تم وقف تقدم الآنزاك وتأمين تشانيك بير، بعد أن رُقي إلى رتبة عقيد في يونيو عين مصطفى كمال قائداً عاماً للجبهة الشمالية في أغسطس، في صبيحة العاشر من أغسطس خلال هجومه الحاسم على الآنزاك جرى حدث كان ليغير مصطفى كمال إلى الأبد.نورمان أبتزكويتز: خلال تلك المعركة أصيب مصطفى كمال بشظية فوق القلب، إنما ولحسن الحظ أصابت ساعة كان يضعها في جيبه فبقي حياً.فاميك فولكان: بعد أن كان وهماً حصل حدث رسّخ إيمانه الداخلي بأنه خالد، وحدث خارجي أثبت ذلك فأصبح أكثر تماسكاً بشكل عام ليتمكن من فعل ما فعله لاحقاً بسهولة أكبر.ميسون عزام: مشاهدينا سنتوقف الآن مع فاصل قصير نعود بعده لمتابعة الفيلم الوثائقي "أتاتورك"، مشاهدينا ابقوا معنا.[فاصل إعلاني]ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء، والفيلم الوثائقي "أتاتورك"، فلنتابعه سوية.التعليق الصوتي: مقتنع بأنه خالد بدأ مصطفى كمال يمشي بحرية أكبر في الخنادق المعرضة لنيران كثيفة مثبتاً لنفسه ولجنوده أنه أسطورة، بعد هجمات مصطفى كمال في التاسع والعاشر من أغسطس لم يبقَ أي موقع بين أيدي الحلفاء، مُنيت الإمبراطورية البريطانية الكبرى بهزيمة في غالي بولي ففقد ويستن تشرشل منصبه كأمين أول لوزارة البحرية وذاعت شهرة مصطفى كمال بين زملائه والشعب.نايجيل ستيل: برهن في الخامس والعشرين من أبريل وفي أغسطس كذلك أن لديه محفزاً شرساً على عكس القادة البريطانيين الذين لم يكن لديهم أي استعداد لقيادة رجالهم بهدوء أعصاب مثله، فقد تصرف بحزم وقوة ومنع في تلك الأحداث حملة برية محتملة وهذه النقاط الثلاث مكّنته من عكس تيار الأحداث وأبرزت قدراته الشخصية.التعليق الصوتي: مصطفى كمال أتى غالي بولي منبوذاً من حكومته وغادرها الآن بطلاً وطنياً، لسوء الحظ لم يستطع النصر العثماني في غالي بولي من وقف المحتوم، تدهور بسرعة وضع الإمبراطورية العثمانية وحلفائها وبدت الهزائم مؤكدة وقد باشرت القوى المنتصرة بوضع الخطط لتفتيت الإمبراطورية وانتظرت فرنسا وبريطانيا واليونان وإيطاليا حصة من الغنيمة، بعد خدمته في غالي بولي رُقي مصطفى كمال إلى رتبة عميد وتابع القتال كقائد للجيش في الشرق ضد الروس وفي الجنوب الشرقي ضد القوات البريطانية، في الثلاثين من أكتوبر عام 1918 استسلمت الإمبراطورية العثمانية وعلى رأسها السلطان الجديد إلى البريطانيين في جزيرة مودروس ومع تعاون السلطان بدأ الحلفاء فوراً باجتياح مناطق مختلفة من البلاد ويوم رسا الحلفاء في اسطنبول عاد مصطفى كمال إلى العاصمة.ستانفورد شاو: كان القائد العثماني الوحيد الذي لم يُمنَ بأي هزيمة خلال الحرب العالمية الأولى ونتيجة لذلك تمتع بسمعة هائلة بين الشعب وأضاف إلى سمعته لأنه ما إن وُقعت اتفاقية الهدنة أعلن بوضوح وبأعلى صوته أنها غير عادلة بالنسبة إلى الأتراك.التعليق الصوتي: ناظراً إلى السفن المعادية الراسية أحس بالخزي وقال كما أتوا سوف يرحلون قريباً، وبذلك بدأ كفاح الأتراك من أجل الاستقلال، بعد إدراكه أن الوضع في اسطنبول ميئوس منه قرر مصطفى كمال أن الخلاص يكمن في الأناضول.ستانفورد شاو: كان الأناضول في ذلك الوقت بأغلبه تركياً وشعر بأنه إن أراد الأتراك مقاومة الحلفاء فيجب أن تنطلق المقاومة من قلب بلاد الشعب التركي وتحديداً الأناضول.التعليق الصوتي: بينما أتم مصطفى كمال تحضيراته للانطلاق برحلته إلى الأناضول أجاز وأيد رئيس الوزراء البريطاني اللورد جورج عملية إنزال يونانية على الساحل الغربي للبلد في أزمير في الخامس عشر من مايو عام 1919.ستانفورد شاو: اتفق اليونانيون سراً مع اللورد جورج على أن هذا لن يكون احتلالاً مؤقتاً بل دائماً، ولضمان ذلك حين نزلوا في أزمير عوضاً عن السيطرة الاسمية قاموا بمجازر كبيرة في صفوف الأتراك واليهود الذين كانوا يعيشون هناك من أجل حظهم وغيرهم من الأتراك واليهود المقيمين في أماكن أخرى من غربي الأناضول على الفرار كما فعلوا.التعليق الصوتي: بعد مضيّ أربعة أيام على الإنزال اليوناني نزل مصطفى كمال على الساحل التركي من البحر الأسود.ستانفورد شاو: كان الأتراك بوضع سيء جداً فاليونانيون احتلوا المضائق وجنوبي غربي الأناضول والإيطاليون احتلوا جنوب الأناضول والفرنسيون احتلوا جنوبي شرقي الأناضول أو ما سمي بسليشيا إضافة إلى سوريا، وآخرون احتلوا شمالي شرقي الأناضول وفي الوقت ذاته فرض البريطانيون حصاراً على الأناضول حال دون استيراد الأغذية من الخارج إضافة إلى أن الزراعة في الأناضول معدومة تقريباً نظراً لعدم وجود وسائل نقل، ونتيجة لذلك لم يكن هناك غذاء ولا وقود ولا كساء، والناس جائعون ويموتون نتيجة المجاعة.ويليام كراوي: نظراً للظروف التي كان عليهم التحرك في ظلها والتحديات التي واجهتهم لا أعرف أي قائد عسكري واجهته تلك التحديات الهائلة غير أتاتورك.التعليق الصوتي: متمتعاً بدعم أصدقائه والناس في كل أرجاء الأناضول قرّر مصطفى كمال إقامة حكومة مؤقتة وبرلمان انتقالي في أنقرة، بينما انشغل مصطفى كمال بتأسيس جيش تركي نظامي ووضع مبادئ الكفاح كان اليونانيون يتقدمون إلى الشرق أكثر باتجاه أنقرة.ستانفورد شاو: بينما سحب مصطفى كمال القوات الوطنية أي قوات المقاتلين المحليين إلى أنقرة من أجل ضمهم إلى جيش نظامي وجّه العديد من أعضاء المجلس الوطني الأعلى الانتقادات إلى مصطفى كمال على أساس أنه تعرض للهزيمة وأن الأتراك يفقدون وطنهم وأنه يجدر به عوضاً عن سحب قواته أن يصمد ويقاتل.أندرو مانغو: بدت الأوضاع سيئة جداً بالنسبة إلى مصطفى كمال فالجنوب أرسل جيشاً لقتال القوميين وقامت حركات تمرد وعصيان رداً على دعوة الجنوبيين لقتل مصطفى كمال.التعليق الصوتي: استمد مصطفى كمال القوة من اليأس فعزمه وثقته بنفسه وحلمه بالحرية منذ الطفولة مكّنته بالعمل بلا كلل وبنشاط كبير، فأمضى ساعات طويلة في البرلمان يشرح للنواب الوضع وأهدافه، فقال: الحرية والاستقلال هما بشخصيتي وأعتقد أن الشرط الرئيسي هو أن على بلدي أن يحظى بتلك الخصائص ذاتها، ولكي أعيش عليّ أن أكون ابن أمة حرة، وعليه فإن السيادة الوطنية هي مسألة حياة بالنسبة إليّ، شرع مع رفاقه بإنشاء جيش لوقف التقدم اليوناني لسببين أحدهما شخصي والآخر سياسي وسيؤثر السببان على مجرى حياته، فكرية المرأة التي كانت على علاقة حميمة به في اسطنبول لم تستطع تحمل الفراق فقررت الانضمام إليه في كفاحه.فاميك فولكان: كانت فتاة مسلمة متمسكة بالتقاليد، وقعت في غرام مصطفى كمال وانتقلت إلى أنقرة لتكون بمثابة زوجته بواجباتها الكاملة.التعليق الصوتي: أحبت فكرية مصطفى كمال وهو استمتع بأن يكون محور عواطفها، رغم عدم زواجهما فقد ظهرا كثنائي كامل أقله بنظر فكرية والزمن سينبئنا برأي مصطفى كمال، على الصعيد السياسي أجبر الحلفاء حكومة اسطنبول على توقيع معاهدة سيفر في العاشر من أغسطس عام 1920.ستانفورد شاو: النتيجة كانت معاهدة في حال نُفذت لكانت منحت الأتراك الاستقلال في جزء صغير من وسط الأناضول ولكانت تركت بقية الأناضول حيث الغالبية التركية، إما تحت سلطة الحلفاء أو تحت سلطة دولة ألمانية ويونانية وتركية.التعليق الصوتي: علم مصطفى كمال أن الوقت قد حان لحشد الشعب والمباشرة بالكفاح حتى النصر متوسماً لقب القائد الأعلى شرع بتنظيم الجيش التركي بنشاط وقسوة لا سابق لهما قائلاً: كان عليّ حض الأمة التركية على الحرب متوخياً الرقة والإقناع قال: على كل فرد في قريته في منزله في الحقول أن يعتبر نفسه وكأنه يقاتل على الجبهة.ويليام كراوي: ليقاتل الجيش وليأمره كان عليه حتى أن يبنيه وكان عليه أن يحظى بقبول الشعب التركي، كان عليه تدبر الموارد وتصميم المعدات وتدريب الهيكلية بأكملها من الصفر، ما فعله كان برأيي إنجازاً هائلاً.التعليق الصوتي: بعد تقدم الجيش اليوناني حتى مسافة 51 كيلومتراً من أنقرة كان كل شيء منوطاً بالقتال الذي سيدور على نهر صقارية، قاد مصطفى كمال جنوده شخصياً وفي خطابه التعبوي تعهد بإعدام أي رجل ينسحب بدون أمر محدد منه، بقيادة مصطفى كمال كان الأتراك مستعدين للمواجهة، بعد اثنين وعشرين يوماً من القتال الضاري تم أخيراً وقف التقدم اليوناني.ستانفورد شاو: بعد المعركة لم ينسحب اليونانيون من صقارية فحسب لكنهم لم يحاولوا ثانية بلوغ صقارية بل تقهقروا بطريقة فوضوية ولم يشكلوا بعدها أي تهديد جدي.التعليق الصوتي: في السنتين اللتين أمضاهما في الأناضول استطاع مصطفى كمال إقامة برلمان واستعادة أراضٍ تركية في الشرق والجنوب، وأوقف اليونانيين ولم يبقَ سوى الضربة الأخيرة ضد اليونانيين ورعاتهم البريطانيين.ميسون عزام: مشاهدينا فاصل قصير نعود بعده لمتابعة الفيلم الوثائقي "أتاتورك"، مشاهدينا ابقوا معنا.[فاصل إعلاني]ميسون عزام: مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً لا زلتم مع برنامج مشاهد وآراء، والفيلم الوثائقي "أتاتورك"، فلنتابعه سوية.التعليق الصوتي: كان على وشك أن يصبح المخلّص الذي لطالما حلم به، مع استعداد مصطفى كمال لهجومه الحاسم على اليونانيين وفّرت له فكرية حياة بيتية دافئة، بينما اجتمع بالعديد من رجاله كل ليلة لمناقشة خططه لمستقبل البلد، ذات مرة بعد العشاء سألته فكرية عن الزواج فأجاب: أنا متزوج بالأمة التركية، بعد سنة من التخطيط الدقيق والسرية الكاملة حدد مصطفى كمال السادس والعشرين من أغسطس عام 1922 يوم الحساب، شاخصاً إلى مقر قيادة الجبهة أصدر الأمر بالهجوم، أتى النصر متميزاً فبعد هجوم سريع وشرس للجيش التركي فوجئ اليونانيون بالكامل، خلال ثلاثة أيام أُسر القادة اليونانيون وخلال خمسة عشر يوماً دخل الجنود الأتراك إلى أزمير المحررة حيث نزل اليونانيون قبل ثلاث سنوات، بعد أن رُحّب به كمخلّص كان مصطفى كمال أقوى رجل وأكثرهم وقاراً في البلاد، عُرض عليه منصب السلطان والجلوس على عرش المملكة العثمانية إنما كانت في ذهنه خطط أخرى، فقد سبق لمصطفى كمال أن قرر إلغاء السلطنة في أول فرصة تُتاح له ومن جديد أمّن الحلفاء تلك الفرصة.ستانفورد شاو: لقد طلبوا من حكومة السلطان في اسطنبول والحكومة التركية الوطنية في أنقرة إرسال بعثة مشتركة إلى لوزان لإعادة التفاوض على المعاهدة، وبعد هزيمته أمام الجميع لم يكن بنية مصطفى كمال مشاركة تركيا مع حكومة اسطنبول التي تعاونت مع الحلفاء.التعليق الصوتي: مستغلاً الوضع شرح مصطفى كمال للوفد أن الحكومة الوحيدة التي تمثل الشعب وتعمل بإرادته هي حكومة أنقرة، فاقترح فصل السلطنة عن الخلافة وإلغاء الأولى، دار جدل حامٍ وفي مرحلة ما بلغت المناقشات حدة كبيرة لدرجة اضطر فيها كمال للتحذير من أنه في حال رُفض الاقتراح فإن بعض الرؤوس سوف تتدحرج وكان ذلك كافياً فقد ألغيت السلطنة، بعد إزالته علة وجود حكومتين حوّل مصطفى كمال نظره إلى مؤتمر لوزان للسلام حيث مثل تركيا وزير خارجيته المعيّن حديثاً إزميت، هذا اللقاء الخاطف للأنفاس في الدبلوماسية والسياسة أربك كثيراً حياة مصطفى كمال الشخصية، بعد أن ترك فكرية خلفه إثر إصابتها بالسل ليقود الهجوم الكبير تعرف إلى شابة أعجبته في أزمير وتدعى لطيفة، بات عليه اليوم الاختيار، ترى من سيختار؟!!نورمان أبتزكويتز: فكرية اهتمت لأمر مصطفى كمال وأمّنت له جواً بيتياً مناسباً، لكنها لم تكن الزوجة النموذجية لنظرته العصرية، أما لطيفة فقد كانت متعلمة وتجيد عدة لغات وقوية الإرادة.التعليق الصوتي: بعد أن أرسل فكرية لتلقي العلاج في سويسرا عبّر مصطفى كمال عن اهتمامه بلطيفة وبعدها بفترة وجيزة تزوجا.فاميك فولكان: في سويسرا علمت فكرية بزواج أتاتورك فعادت إلى أنقرة وأطلقت النار على نفسها من مسدس اشترته هدية له.نورمان أبتزكويتز: موت فكرية لا شك أنه سبب له بعض الضيق العاطفي، لكنه استطاع تخطيه بسرعة كما استطاع تخطي معظم ما كان يضايقه بسرعة فائقة.التعليق الصوتي: بعد أن عاد وشغل نفسه بالسياسة لم يضيّع مصطفى كمال أي وقت لإعلان قيام الجمهورية في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1923، تركيا أصبحت تُعرف الآن بجمهورية تركيا ومصطفى كمال أول رئيس لها، كان دور الخلافة هو التالي علم مصطفى كمال أنه ولكي تبلغ تركيا مستوى الحضارة في الغرب كان من الضروري علمنتها.أندرو مانغو: لقد آمن بسيادة الفكر الإنساني، أراد أن تمشي تركيا في ركاب التقدم الإنساني وعليه كانت المعرفة مبتغاه، لسنوات عدة كانت مكاتب الخلافة تمنع دخول المعرفة إلى البلد وكان يجب إزالتها إن أرادت تركيا المضيّ قدماً، بعد تخطيط دقيق أخذ المبادرة في الثالث من مارس عام 1924، في غضون ساعات ألغى الخلافة واضعاً نهاية ل600 سنة من العصر العثماني.أندرو مانغو: كان هذا بالغ الأهمية لأنه قطع الصلة بين الدين والدولة، ولم يوقف تشريع الدولة بأي شكل من الأشكال ممارسة الدين في أي مكان من البلاد ولم يأبه لما آمن به الناس سواء ذهبوا إلى المسجد أم لا، شرط ألا يقوّضوا الدولة العلمانية.فاميك فولكان: ما منح الحرية للمواطنين الأتراك هو قانون نص على أن هذه الدولة علمانية.التعليق الصوتي: دام الزواج سنتين ونصف السنة ولم يتزوج بعدها.نورمان أبتزكويتز: تدهورت العلاقة الزوجية بسرعة وهي لم تكن تدرك إطلاقاً أن مصطفى كمال لم يكن رجلاً يمكن أن يوجهه أي شخص ناهيك عن زوجته، وعاداته لم تكن من النوع الذي يشجع الحياة العائلية الهانئة، فقد عمل بكدٍّ حتى ساعة متأخرة من الليل ونمط الحياة ليس الأفضل بالنسبة إلى زوجة، لذا حصل الطلاق.أندرو مانغو: كانت لديه غرائز إزاء الحريم لكن فكره كان عصرياً وأراد تحرير المرأة وهذا أمر منطقي بغية تقدم البلد ليتماشى مع بقية الدول المتحضرة، لكن في حياته الخاصة وجد من الصعوبة بمكان معاملة النساء بمساواة.التعليق الصوتي: مع انهيار زواجه باشر مصطفى كمال بسلسلة إصلاحات بغية تحرير المرأة التركية التي حُرمت خلال العصر العثماني من حقوقها الشرعية ومنعت من المشاركة في الحياة الاجتماعية.صبيحة غوكسين: أراد أتاتورك أن تشارك النساء التركيات في تطوير الحياة على غرار النساء في الدول المتحضرة.التعليق الصوتي: في ظل قيادته القوية وتشجيعه شاركت النساء أكثر فأكثر في الحياة اليومية للمجتمع وقد شرّع الحركة بتبنيه القانون المدني السويسري عام 1926 والذي منع تعدد الزوجات ومنح النساء حقوقاً متساوية في الزواج، وبحلول عام 1934 أي قبل فرنسا ب11 سنة اكتسبت المرأة التركية حق التصويت والترشح للبرلمان، وبحلول عام 1935 ضم البرلمان 17 امرأة منتخبة.إيزي سيبيزوي: نحن النساء التركيات ندين بالكثير لأتاتورك، فنحن لم نناضل من أجل حقوقنا فقد أُعطيت لنا من قبله.التعليق الصوتي: لم تفرح الإصلاحات الجميع فقد اعتبر أنصار الخلافة أن كمال والبلد يسلكان الدرب الخطأ، آخرون من المقربين إليه شعروا بأنهم لم يحصلوا على الترقيات التي يستحقونها، بعد أن تعاظم استياؤهم خطّط بعض الحاقدين لاغتيال مصطفى كمال خلال زيارته المرتقبة إلى أزمير عام 1926، وبفضل مخبر أُوقف القتلة المتمردون قبل المحاولة، دخل مصطفى كمال أزمير سليماً وغاضباً، بعد المحاكمات شُنق ثلاثة عشر شخصاً متورطين بالمؤامرة أمام العلن، وهكذا فإن كل الأصوات المناهضة لمصطفى كمال وإصلاحاته أُسكتت، بعد إبعاد المتآمرين تحول مصطفى كمال لتبني أبجدية جديدة وعملية يسهل تعلمها وتتيح دخول المعرفة إلى البلد، على الرغم من تذمر الخبراء من أنهم سيحتاجون إلى خمس سنوات لتبني الأبجدية اللاتينية فقد أمر بتعميمها خلال ثلاثة أشهر وإلا سُحبت من التداول، شهدت تركيا ازدهاراً مطرداً في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي ونظراً لتوقه لإظهار إنجازاته استقبل أتاتورك مجموعة من الزوار الأجانب بمن فيهم الملك إدوارد الثامن والملك الأردني والجنرال دوغلاس ماكرثي قائد الجيوش الأميركية، في تلك الحقبة أعلن أتاتورك عن سياسته الخارجية لكل جيرانه قائلاً: ليس لدى تركيا أي رغبة في إنش من أراضي الغير لكنها لن تتخلى عن إنش من ترابها، بعد أن رشحه رئيس الحكومة اليوناني فينا زيلوس لجائزة نوبل للسلام تخطت شهرة أتاتورك كحاكم يسعى للسلام لحدود بلده، على الرغم من شهرته والحشد الذي أحاط به غرق أتاتورك في وحدته نظراً لحبه للأولاد وفي محاولة لتكوين عائلة عادية تبنى بنفسه ثمانية بنات.نورمان أبتزكويتز: أراد أن يكنّ قدوة للجيل التركي الصاعد فاهتم بكل وجه من أوجه حياتهن بدراستهن وملابسهن والرياضات التي يمارسنها والاختصاصات التي فضّلنها وكانت حياة أولئك الفتيات مشروعة.التعليق الصوتي: في سنواته اللاحقة صغرى بناته بالتبني أولكو أضحت محور اهتمامه وعطفه، بحلول العام 1936 استطاع البلد التقدم بقدراته الذاتية معتكفاً في المقر الرئاسي كرّس أتاتورك المتقدم بالسن غالبية وقته لدراسة التاريخ واللغات، سأله الصحفي: هل أنت سعيد؟ فأجابه أتاتورك: أنا سعيد لأنني نجحت، الشعب التركي عمل بحماسة وتفانٍ كبيرين من أجل قائدهم والمستقبل، ابن موظف في الجمارك في سير لانيكا مصطفى المميز نجح بالفعل، بعد سنوات من السهر والحمية غير المنظمة والعمل المضني والكحول بدأت حالة أتاتورك الصحية تتدهور في مطلع عام 1937، وبعد إصابته بتشمع الكبد خاض غمار المعركة الوحيدة التي قُدّر له أن يخسر فيها، مع مراقبة الأمة التركية عن كثب تفاقمت حالة أتاتورك بسرعة رغم جهود الأطباء الأتراك والأجانب، أتت اللحظة المروعة في العاشر من نوفمبر عام 1938.دونالد إيفيريت ويبشير: حين كان هناك عمل يجب إنجازه من كان لينجزه غير أتاتورك؟!التعليق الصوتي: رغم أن الموت أبعده عن منصبه منذ سنوات ولأنه بنى للمستقبل إلا أن تركيا اليوم ما زالت تركيا خاصة أتاتورك.

ميسون عزام: 
إذاً مشاهدينا تابعنا الفيلم الوثائقي "أتاتورك" في سياق برنامج مشاهد وآراء، نتوقف الآن مع موجز للأنباء نتابع بعده الجزء الثاني من البرنامج والمخصص لمناقشة الفيلم الوثائقي مع ضيوفنا، معنا من بيروت الدكتور مسعود ضاهر مؤرخ وأستاذ التاريخ الحديث في الجامعة اللبنانية، ومن بيروت أيضاً الدكتور محمد نور الدين الأستاذ الجامعي والمتخصص في الشؤون التركية، ومعنا في الأستوديو الدكتور حمد بن صراي رئيس قسم التاريخ في جامعة الإمارات، مشاهدينا كونوا معنا.[فاصل إخباري]

مناقشة الفيلم الوثائقي "أتاتورك"

ميسون عزام:
مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً، في أوائل العشرينات من القرن الماضي ومباشرة بعد هزيمة الدولة العثمانية آخر خلافة إسلامية في الحرب العالمية الأولى نجح الضابط مصطفى كمال أتاتورك في إعادة الثقة إلى الأتراك ومجمل شعوب الشرق بإمكانية التحرر من السيطرة الخارجية، أتاتورك أبو القومية التركية كان المحرك الأساسي للتيارات القومية في الشرق الأوسط وقوة رئيسية وراء سياسات التحديث في تركيا والمنطقة، الكثيرون ما زالوا يعتبرون أفكاره العلمانية منهجاً للتحديث والخلاص من التخلف إلا أن آخرين اعتبروا حركته تآمراً على الوحدة الإسلامية وتنفيذاً لمآرب الغرب في تفكيك هذا العالم، وصل الأمر بالبعض إلى اعتبار أن أهدافاً يهودية مضمرة كانت وراء ثورة أتاتورك عبر إبعاد تركيا عن واجباتها تجاه المنطقة وفلسطين، أين أصبح تراث أتاتورك في تركيا الآن التي تحكمها حكومة إسلامية؟ وأين أصبحت دعواته للعلمنة في وقت تتصاعد فيه النزاعات الأصولية والسلفية؟ هل كان أتاتورك الذي أنقذت حركته وحدة الأراضي التركية رمزاً لثورة التحديث في تركيا والمنطقة ككل؟ أم أن حركته أنتجت سيطرة أجنبية مباشرة وغير مباشرة على المنطقة استندت إلى تفتيتها ببعد تركيا عنها والترويج للدويلات القومية وشبه القومية؟ وفوق هذا هل كان أتاتورك دافعاً للديمقراطية أم محرضاً على السيطرة العسكرية على بلداننا؟ أسئلة كثيرة نطرحها على ضيوفنا في سياق هذه الحلقة الجديدة من برنامج مشاهد وآراء مع ضيوفنا، معنا من بيروت الدكتور مسعود ضاهر مؤرخ وأستاذ التاريخ الحديث في الجامعة اللبنانية، ومعنا من بيروت الدكتور محمد نور الدين الأستاذ الجامعي والمتخصص في الشؤون التركية، ومعنا في الأستوديو الدكتور حمد بن صراي رئيس قسم التاريخ في جامعة الإمارات، أهلاً بكم جميعاً واسمحوا لي أوجه سؤالي الأول إلى الدكتور مسعود، دكتور الفيلم الوثائقي لم يتطرق إلى تأثير أتاتورك وأفكاره على المنطقة على العالم الإسلامي، إلى أي مدى يمكن أن نقول أن أفكاره بالفعل أو أن أتاتورك بصورة عامة غيّر الشرق الأوسط وليس فقط تركيا؟
 د. مسعود ضاهر:
لم يكن مطلوباً من أتاتورك أن يغير المنطقة يعني كان مطلوب منه أن يغير تركيا وقد غيّرها بالفعل باعتبار أنقذ الأتراك من تقسيم كبير بعد الحرب العالمية الأولى واستطاع أن يعيد وحدة الأراضي التركية التي شكّلت الجمهورية التركية في عام 1923 وبالتالي كان له دور بارز في بناء الدولة التركية الحديثة وكانت له أفكار واضحة في مجال بناء الدولة القومية انطلاقاً من الإرث العثماني الطويل ومصطفى أتاتورك ورث الدولة العثمانية في مرحلة انهيارها، وبالتالي ليس صحيحاً القول بأنه هو من فكّك الدولة العثمانية باعتبار أن الدولة منذ 1853 السلطنة العثمانية كانت تلقب بالرجل المريض، وفيما بعد السلطان عبد الحميد أقام حكماً استبدادياً بصلاحيات مطلقة ولم يكن شعار الوحدة الإسلامية قادراً على إنقاذ هذه السلطنة بطرق الاستبداد والقمع التي مارسها السلطان عبد الحميد وقمع كل الحركات الدستورية والحريات العامة والشواهد على القتلى في البسفور تعد بالآلاف، إذاً أتاتورك هو وريث هذه السلطنة المنهارة وبالتالي منقذ ما يمكن إنقاذه أو ما استطاع إنقاذه من الأراضي التركية وأنا أعتقد أنه لا بد من تقسيم ثلاث مراحل مرحلة سلطنة عثمانية وهو وريث لها، مرحلة بناء الدولة التركية الحديثة وهو بانيها، ومرحلة ما بعد أتاتورك أو الأتاتوركية بعد أتاتورك وهنا تدخل عناصر الاستمرارية والتغيير في دراسة التجربة التركية، يعني لا نحمّل أتاتورك إرث السلطة العثمانية ولا نحمله إرث الذين جاءوا من بعده، فيجب أن يُوضع القائد التاريخي في إطاره التاريخي.
 ميسون عزام:
طيب سأنتقل الآن إلى الدكتور محمد، دكتور محمد استمعت إلى الدكتور مسعود، دكتور مسعود يقول أنه لم يكن مطلوب من أتاتورك أن يغيّر بالمنطقة التركيز الأساسي هو تركيا، هناك من يقول أنه كان له تأثير على المنطقة، هناك من يقول أن ثورة أتاتورك كانت نقطة الانتقال بالشرق والعالم الإسلامي من العصور الوسطى إلى الحداثة، ماذا تقول؟
 د. محمد نور الدين: 
يجب أن نفصل تاريخ تركيا الحديث عن تاريخ المنطقة، تركيا بعد انهيار السلطنة العثمانية عام 1918 دخلت مرحلة انطواء على واقعها الداخلي وكان جُلّ همّ معظم القادة المتبقين من الجيش العثماني كيف يوقظوا ما تبقى من الدولة العثمانية من تركيا في بلاد الأناضول وكان أمام تحدٍ كبير لا شك في اتفاقية سيفا 1920 التي شرذمت ما تبقى من الدولة العثمانية في الأناضول بين القوى المستعمرة المتعددة اليونان الإيطاليين الفرنسيين الإنجليز إلى آخره وبالتالي كانت المهمة شاقة جداً جيش مهزوم يحاول أن يواجه قوى منتصرة تسيطر على معظم الأناضول، من هنا كانت مرحلة 1919، 1923 يعني حرب التحرير الوطنية مرحلة فاصلة ومهمة جداً في تاريخ تركيا الحديث لإنقاذ ما تبقى وبالتالي إعادة تأسيس تركيا وإعلان الجمهورية عام 1923، هذه المرحلة الأولى أنا برأيي في مرحلة سلطة أو مسيرة أتاتورك التاريخية تحرير البلاد وتوحيدها، المرحلة الثانية مرحلة حكمه من 1923 حتى 1938 وهي المرحلة التي أرى أنه لا يجب أن تُقوَّم من منظور راهن ومعاصر بل أن يُنظر إليها في إطار الظروف والشروط التاريخية التي مرت فيها وكانت تقع ضمنها في ذلك الوقت وأعتقد هنا تختلف التقويمات حول الدور الذي قام به أتاتورك حول الإصلاحات التي قام بها أتاتورك كما تفضلتِ في المقدمة منهم من قال أنه بنى تركيا الحديثة، هو بنى جانباً منها لا شك لكن أيضاً بذر بذور أو زرع بذور، معظم المشكلات التي تعاني منها تركيا الآن هذه البذور بُذرت في تلك المرحلة ولا سيما على صعيد مسألتين القومية والدينية.ميسون عزام: ولكن لم تؤثر على الخارج؟د. محمد نور الدين: المسار الذي اتخذته تركيا بعد 1918 كان تحت شعار أتاتورك الذي رفعه أثناء حرب التحرير الوطنية وهو "سلام في الوطن سلام في العالم"، يعني علينا أن نرتب أمور بيتنا الداخلية في تركيا، نعيد بناء المجتمع بعد الهزائم التي لحقت به وبعد أن الشرذمة التي لحقت بالبلاد وبالتالي أعتقد تركيا بين في فترة أتاتورك يعني من 1923 ل1938 كانت خارج التطورات التاريخية التي كانت تجري في العالم وبناءً على ذلك دخلت تركيا الحرب العالمية الثانية مثلاً في مواقف الحياد ولم تكن طرفاً في هذه الحرب إلا في نهايتها وبصورة شكلية عندما أعلنت الانضمام إلى الحلفاء ضد دول المحور.. 
ميسون عزام:
طيب هذا فيما يتعلق بإنجازاته ولكن ماذا عن شخصيته دكتور حمد يعني هل تعتقد أن هذا الفيلم الوثائقي قد أعطى صورة وافية عن شخصية أتاتورك؟
 د. حمد بن صراي:
بسم الله الرحمن الرحيم، هو بلا شك أن هذا الفيلم قدّم جزءاً كبيراً من شخصية هذا القائد أو هذا الحاكم رئيس الدولة أعطى فيها بما فيها من تناقضات عسكرية وتناقضات أخلاقية اجتماعية سياسية، قدّم هذا الفيلم أيضاً صورة شبه كاملة حول شخصية هذا القائد في تعاملاته مع أهله في تعاملاته مع الآخرين، وكما ذكر الأستاذان الفاضلان بأن أتاتورك قبل توليه السلطة كان في مرحلة أنا في اعتقادي تختلف عن المرحلة اللاحقة، المرحلة الأولى كان يسعى لتحقيق انتصارات كثيرة في الميدان العسكري لتثبيت بعد ذلك مستقبله في الرئاسة والحكم ليتكئ على ما عمله من انتصارات عسكرية ضد اليونانيين وضد البريطانيين في الدردانيل وما قام به من حروب داخلية لتوحيد تركيا في تكوين دولة واحدة تحت سلطته هو، يعني هو الرجل كان يسعى لتحقيق هذا الطموح النهائي بغض النظر عن الأهداف الجميلة يعني السامية في الوحدة الأهداف الواضحة في قضية أن تكون تركيا دولة قوية حديثة متطورة، لكن في الوقت نفسه لا يخفي أن هذا الرجل كان والفيلم وضّح هذه النقطة كان محباً للسلطة، كان راغباً أن يتولى الرئاسة بل أن..
 ميسون عزام:  
طيب كيف نظر إليه الآخرون يعني كانت صورة أتاتورك موضع خلاف على المستويين الداخلي والخارجي، لنتابع معاً هذا المقطع.
 [مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي:
اعتبره ستالين فاشياً وهتلر وموسوليني قالا إنه شيوعي، ونعته آخرون بالديكتاتور، أما شعبه فقد لقبوه بأتاتورك والد تركيا
 .ميسون عزام:  
دكتور حمد تحدثت عن هذه الشخصية وكيف جاءت في هذا الفيلم الوثائقي؟ أي من الصفات التي ذُكرت الآن تعتبر أنها الأقرب إلى الحقيقة فيما يتعلق بشخصية أتاتورك؟
 د. حمد بن صراي: 
أنا لا أتوقع الألقاب التي قيلت بفاشيته أو المعاني الأخرى التي ذكرت عنه وكذلك ما ذكرت هو رجل عمل لتحقيق انتصاراته العسكرية في الأرض التركية ليصبح بعد ذلك رئيساً للدولة ليحقق طموحه الشخصي في أن يكون الزعيم الأوحد ولهذا حتى لقب أبو الأتراك، هذا لقب يشير إلى وحدانية الرجل تفرده في السلطة يعني وكأنه هو الأب المسيطر له وهو الأب المتحكم في هذه الدولة لقب أبو الأتراك معناه هو سيد الدولة هو أبوهم..
 ميسون عزام: 
 طيب لنستمع إلى رأي الدكتور مسعود حول هذه النقطة، دكتور مسعود ماذا تقول في ذلك؟ هل تعتقد أن أتاتورك كان دكتاتورياً؟ ولماذا هذه الصورة أو هذا الانطباع عنه
 ؟
 د. مسعود ضاهر: 
 هذا انطباع دائماً الشخصية التاريخية تُطبع بطابع أيديولوجي وهذا يعني تشويه للشخصية التاريخية، عندما تُقرأ بشكل أيديولوجي في مرحلة من المراحل لا تقرأ مرحلة أخرى بأيديولوجيا مضادة، فالمرحلة كانت مرحلة صعود الفاشية والنازية في تلك الفترة وأتاتورك كان يريد أن يبني دولة قومية على أنقاض سلطنة منهارة وكان هو رجلاً عسكرياً، وبالتالي هذه المواصفات أي رجل عسكري يريد أن يبني دولة على مواصفات دولة قومية تأثر كثيراً بالنمط الأوروبي الذي كان سائداً في تلك الفترة وكان يريد أن يبني لنفسه تحالفات تحمي هذه الدولة الفتية وإلى جانبه كان قياديون يتمتعون بصفة كبيرة عسكرية أيضاً على غرار ستالين أو موسوليني أو هتلر، وكان لا بد من التعاطي مع هذا الواقع التاريخي الذي تعيشه المنطقة في تلك الفترة فاستطاع أتاتورك بذكاء بارع أن يحمي تركيا في تلك الفترة وأن يؤسس لجمهورية.. 
ميسون عزام:
  بذكاء ودكتاتورية بارعة؟
 د. مسعود ضاهر: 
 لا، هو كل رجل عسكري بالنهاية له جانب دكتاتوري، هو حاكم عسكري ومشكلة الأتاتوركية حتى الآن يعني هي مزج العلمانية بالدكتاتورية أو بالحكم العسكري وهذه إحدى مشكلات تركيا المستمرة لأنه فيه فهم مغلوط لهذه النقطة بالذات، يعني هذه القوى ليست ديمقراطية بالمعنى الحقيقي هي قوى عسكرية توظف الديمقراطية وتوظف كل أشكال ما يسمى الالتفاف الشعبي نحو تحقيق مصالح تخدم الزعامة العسكرية أي ما نسميه علمياً التحديث في خدمة الجيش أو التحديث في خدمة العسكر وهذا النموذج شهدته اليابان أيضاً في أيام الإمبراطور ميجي التي حولت الدولة القومية إلى دولة إمبريالية، وبالتالي هذه النماذج كيف يُستغل التحديث لخدمة الجيش؟ ما زالت تركيا تعاني منه حتى الآن، المسألة أنه لا يجوز الفصل بين الديمقراطية والليبرالية والعلمانية، هذه الجوانب الثلاث في بناء الدولة إذا اختلت تخدم الحكم العسكري بشكل مباشر.
 ميسون عزام:  
طيب دعنا ننتقل إلى خلفية أتاتورك لا سيما الثقافية حيث يقدم الفيلم الوثائقي عرضاً موجزاً للخلفية الثقافية له، دعونا نتابع المقطع. 
[مقطع من الفيلم الوثائقي]فاميك فولكان: 
مصطفى كمال الشاب اختبر التعددية الإثنية والأفكار القومية والثقافات الغربية واليهودية.التعليق الصوتي: وفي المدرسة بدأ في سره بالتهام الأعمال المحظورة للفلاسفة الفرنسيين المشهورين والشاعر الوطني التركي نعمت كمال.
 ميسون عزام: 
دكتور محمد ما الذي يقصده الفيلم بأن أتاتورك اختبر اليهودية؟ هل يعني ذلك أنه تأثر باليهودية؟ 
د. محمد نور الدين:
  يعني هذا يحيرنا دائماً إلى نظرية المؤامرة وإلقاء اللوم في كل المصائب التي لحقت بالأمة الإسلامية العربية والتركية وغيرها بقوى خارجية خصوصاً الماسونية واليهودية، لذلك يجب أن نضع أتاتورك في إطاره التاريخي آنذاك، هو لم يأتِ من فراغ هو وريث الحركات الإصلاحية التي بدأت في العام 1839 بل قبل ذلك أيضاً في محاولة إصلاح الدولة العثمانية وإنشاء بنى أولية لدولة حديثة ومنها المدارس العسكرية على النمط الغربي، أتاتورك هو خريج هذه المدارس وهي فترة قومية وبالتالي تأثر بالنزعة القومية التي انتشرت في ذلك الوقت وأدت إلى انشقاق أو انفصال أو استقلال معظم المستعمرات عن الدولة العثمانية مثل بلغاريا قبل ذلك الصرب واليونان إلى آخره، لذلك أتاتورك نشأ في هذا الجو وشهد طوال عمله العسكري هزائم هذه الدولة العثمانية قبل الحرب في الحرب الإيطالية وفي حرب البلقان ثم في حرب بلاد الشام عندما كان أتاتورك في دمشق وبالتالي مشبعاً بكل هذا الإرث حاول أن يفعل شيئاً ما عندما تسنى له أن يقود الجيش العثماني بعد الحرب العالمية الأولى، لكن في نفس الوقت يجب ألا أيضاً نقفل حقيقة تاريخية باعتراف المؤرخين الإنجليز قبل غيرهم وهو أن جمعية الاتحاد والترقي التي انتمى إليها أتاتورك في البداية ثم انفصل عنها واختلف مع قادتها كان كل قادتها من.. إما لم يكن أحد منهم تركياً صافياً كانوا إما غير مسلمين وإما مسلمين من أصل يهودي وبالتالي الطابع اليهودي كان غالباً على مدينة سالونيك وأنا هنا أستشهد بالمؤرخ البريطاني سيتون واتسون الذي يقول: "إن الحقيقة البارزة أن الاتحاد والترقي لم تكن تركية ولا إسلامية وليس من قادتها أي واحد من أصل تركي صافي، أنور كان بولندياً، طلعت كان بلغارياً، أحمد رضا نفسه كان شركسياً"، والممول الأساس للاتحاد والترقي كان أثرياء اليهود في سالونيك، وبالتالي يجب ألا نستبعد تماماً هذا العامل وإن كنت أفضل أو أرى أن أتاتورك يجب وضعه في سياق التطور التاريخي للدولة العثمانية في نهايتها ثم في التداعيات التي حصلت في الأناضول بعد الحرب العالمية الأولى.
 ميسون عزام: 
طيب لنستمع إلى رأي الدكتور مسعود حول هذه النقطة، دكتور استمعت إلى ما تفضل به الدكتور محمد حول تأثير اليهودية وربما الأسباب التي يمكن أن تكون وراء ما كُتب حول المؤامرة اليهودية التي مثّلها أتاتورك، ماذا تقول في ذلك؟
 د. مسعود ضاهر: 
أنا لست ميالاً لنظرية المؤامرة في كل ما كتبت فطبعاً هناك قوى داخلية ولها امتدادات إقليمية وامتدادات دولية والقول بأن اليهود هم وراء كل شاردة وواردة في التاريخ، إذن كيف انتصر كمال أتاتورك وبنى تركيا الحديثة إذا كان اليهود هم السبب في انتصاره؟ إذا هذا اتهام مباشر بأن الدولة التركية هي ذات انتماء يهودي أو ما شابه.. أنا شخصياً لست ميال..
 ميسون عزام: 
من أين أتت هذه المؤامرة؟ نعم لست ميالاً إليها ولكن من أين أتت؟
 د. مسعود ضاهر: 
في شعب تركي له تاريخ عريق وله إصلاحات أشار إليها الدكتور محمد نور الدين والدولة العثمانية كانت من أرقى الدول في القرنين الخامس عشر والسادس عشر وكانت لها تنظيمات اقتصادية واجتماعية وسياسية كانت للأرقى ولها جيش كان الأقوى بين دول العالم وهذا الكلام عندما ضعفت الدولة العثمانية بطبيعة الحال هناك قوى دائماً تتعرض لتدخلات إقليمية وتدخلات دولية وتحاك مؤامرات ودسائس وإلى آخره لكن يبقى الشعب التركي في الأساس له تاريخه وله تقاليده.. 
ميسون عزام: 
نعم ولكن تحديداً أتاتورك يعني ما رأيك فيما كتب عن أن له علاقة بما يسمى بيهود الدونما؟
 د. مسعود ضاهر: 
أنا لست ميالاً إلى هذا الكلام، هو رجل عسكري استطاع أن يحقق انتصارات كما شاهدنا في الفيلم وهذه الانتصارات كانت على الدول الغربية نفسها التي بنت أو التي أطلقت وعد بلفور في فلسطين يعني بشكل خاص بريطانيا وفرنسا واليونان وبالتالي كيف سمحت له هذه القوى أن ينتصر إذاً؟ وكيف سمحت له أن يبني تركيا قوية وجمهورية قوية وتستعيد تركيا دورها في هذه المنطقة؟ فالكلام على أن كل شيء ورءاه مؤامرة يعني كلام لا يقود إلى أي تحليل تاريخي علمي... فخلينا نخرج من هذه المعادلة خلينا..
 ميسون عزام: 
إذاً هل نقول بأنه كان مقاتلاً؟ نعم ولكن هل يمكن القول أنه كان مقاتلاً من أجل..
 د. مسعود ضاهر:
  كان رجلاً عسكرياً، كان مقاتلاً من الدفاع عن الشعب التركي ونصحت تركيا الحديثة وبناء دولة حديثة في تركيا ولهذا السبب لقبوه أبو الأتراك ولهذا السبب نحتفل الآن بذكراه بعد كل هذه السنوات الطويلة من وفاته ما زال حاضراً بقوة في تاريخ الشعب التركي وفي تاريخ.. 
ميسون عزام: 
وبالفعل الفيلم وصفه بأنه مقاتل من أجل الحرية، دعونا نتابع هذا المقطع.
 [مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي:
 أدرك أن التغيير لا يمكن أن يتحقق بالقوة بل يجب أن يكون منهجياً، فأنشأ هو وأصدقاؤه منظمة سرية اسمها "الوطن والحرية" وشعارها "حيث لا توجد حرية يوجد موت وإبادة" "الحرية هي الحل الوحيد".
 ميسون عزام: 
دكتور حمد ما دقة هذه المعلومات التي تتحدث عن أن أتاتورك كان ضد العنف خاصة وما نعرفه في ظل ما نعرفه وفي ظل ما جاء في هذا الفيلم الوثائقي لاحقاً من أنه فرض قراراته وآراءه بالقوة؟
 د. حمد بن صراي:
 طبعاً هذه الإشكالية التي يطرحها الفيلم يعني هل هو هذا الزعيم هل هو في أثناء لما كان جندياً ثم ترقى إلى رتبة ضابط ثم أصبح بعد ذلك قائداً للدولة التركية كان يحارب الطغيان وكان ينادي بالحرية،طيب بعد ما تولى الرئاسة هي إشكالية مثلما ذكر الدكتور مسعود بأنه يعني هل هو أراد في اعتقادي هل هو أراد أن يصبح زعيماً للأمة التركية في الوقت نفسه بعد ويسكت جميع الأصوات الأخرى المناهضة له طبعاً لماذا لم تصبح الأصوات اللي نادت بضد أتاتورك بمقاومة أتاتورك في أثناء حكمه ليس لها وجود، هناك طبعاً تقارير وهناك وثائق أثبتت بأنه كان يتعامل معهم بشمل العنف والقسوة في تحويل تركيا إلى ما هو يريدها من التحدي، وذكر الفيلم أنه كان يريد تغيير المنهجية وهذا طبعاً خطة وضعها هو بأن تتغير الأمة التركية وتركيا بطريقة منهجية. 
ميسون عزام: 
على كل سنتطرق إلى هذه النقطة وهذا التغيير ولكن بعد فاصل قصير نتوقف معه مشاهدينا ومن ثم نتابع معاً برنامج مشاهد وآراء والفيلم الوثائقي لهذه الليلة "أتاتورك"، ابقوا معنا.[فاصل إعلاني.
 ميسون عزام: 
مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً الفيلم الوثائقي "أتاتورك"، يظهر الفيلم أتاتورك على أنه قائد عسكري عبقري، لنتابع معاً هذا المقطع.
  [مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي: 
رُقي مصطفى كمال إلى رتبة عميد وتابع القتال كقائد للجيش في الشرق ضد الروس وفي الجنوب الشرقي ضد القوات البريطانية.ستانفورد شاو: كان القائد العثماني الوحيد الذي لم يُمنَ بأي هزيمة خلال الحرب العالمية الأولى ونتيجة لذلك تمتع بسمعة هائلة بين الشعب وأضاف إلى سمعته لأنه ما إن وُقعت اتفاقية الهدنة أعلن بوضوح وبأعلى صوته أنها غير عادلة بالنسبة إلى الأتراك.ويليام كراوي: نظراً للظروف التي كان عليهم التحرك في ظلها والتحديات التي واجهتهم لا أعرف أي قائد عسكري واجهته تلك التحديات الهائلة غير أتاتورك.
ميسون عزام: 
دكتور محمد من الناحية التاريخية هل يمكن أن نعتبر انتصارات أتاتورك بسبب عبقريته أم نتاج الظروف الدولية والإقليمية؟
د. محمد نور الدين: 
أولاً ليس كل تاريخ أتاتورك العسكري هو انتصارات، بالعكس قبل نهاية الحرب العالمية الأولى تعرض أتاتورك في المواقع التي كان موجوداً فيها إن بصفته قائداً لفرقة أو غيرها أو بصفته عضواً في إحدى هذه الفرق إلى أكثر من هزيمة أثناء الاحتلال الإيطالي لليبيا كان أتاتورك هناك وتعرض لهزيمة، أثناء حرب البلقان فشل في استرداد مدينة أدرنا مثلاً، أثناء الحرب العالمية الثانية كان في دمشق عندما احتل الحلفاء بلاد الشام سوريا والأردن وفلسطين وإلى آخره، نقطة التحول الأساسية في سمعة أتاتورك كقائد عسكري كانت مع معركة غاليبو لعام 1915 عندما نجح في وقف الهجوم الإنجليزي وقوات الحلفاء الآخرين وكانت معركة فاصلة من خلالها مدينة اسطنبول من خلال مضيقها الجنوبي الدردانيل، إذا انتقلنا إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى هناك أعتقد أن أتاتورك قد نجح في تحرير ما تبقى من أراضي تركية في الأناضول عبر طريقين أولاً الطريق العسكري وكانت بشكل أساسي ضد الجيش اليوناني في منطقة الأناضول الغربي يعني في سواحل إجيه ومحيط أزمير وهنا باعتراف كل.. 
ميسون عزام:
ما الذي ساعده في ذلك؟
د. محمد نور الدين: 
في المعارك مع اليونان وخصوصاً في معارك صقارية والمعركة الكبرى التي يحتفل بها في 30 أغسطس على أنها يوم النصر حتى الآن للجيش التركي لا شك باعتراف كل المحللين العسكريين وطبعاً أنا لست محللاً عسكرياً لكن هناك إجماع على أن أتاتورك نفذ تكتيكاً عسكرياً عبقرياً مفاجئاً غير معروف من قبل واستطاع الانتصار على اليونانيين لكن طبعاً هذا لا يلغي أن أتاتورك استطاع أن يحرر باقي الأراضي بالدبلوماسية إن كان عبر اتفاقات مع فرنسا أو عبر صفقات لأقل مع بريطانيا فيما بعد أو مع الإيطاليين وبالتالي عبقرية أتاتورك لم تكن في الجانب العسكري بل أيضاً في حسن قراءته لتوازنات القوى في منطقة الشرق الأوسط والأناضول لكنه بالطبع كان قائداً عسكرياً فذاً بدون شك.
ميسون عزام:
  نعم دكتور حمد هذه الانتصارات التي نتحدث عنها إلى أي حد تعتقد أنها حمت تركيا من الاستعمار المباشر وغير المباشر؟
د. حمد بن صراي: 
 هو طبعاً بلا شك كان يسعى لتحقيق الاستقلال وأن تصبح تركيا دولة مستقلة ويبعد عنها النفوذ الأجنبي البريطاني والفرنسي لكن كما ذكر الدكتور محمد هو حقق انتصارات عسكرية لكن أيضاً دخل في اتفاقيات سياسية وصلات دبلوماسية مع بريطانيا وفرنسا، هو الآن يسعى للاستقلال ويسعى إلى اعتراف هذه الدول بتركيا كدولة مستقلة وبعدما حقق هذين النصرين بالذات على اليونانيين في موقعة غاليبو في مضيق الدردانيل وبعد ما حقق هذين الانتصارين بدأ يسعى بعد ذلك بعد إعلان ثورته تواصل مع الغرب للاعتراف به، يعني هو سلك طريقين سلك الطريق العسكري والطريق الدبلوماسي ولم يكتفِ بأحدهما فقط.
ميسون عزام: 
نعم طيب ولكن ماذا عن إلغاء الخلافة، يعتبر الفيلم الوثائقي أن إلغاء أتاتورك للخلافة كان من أهم إصلاحاته.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي: 
بعد أن عاد وشغل نفسه بالسياسة لم يضيّع مصطفى كمال أي وقت لإعلان قيام الجمهورية في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1923، تركيا أصبحت تُعرف الآن بجمهورية تركيا ومصطفى كمال أول رئيس لها، أخذ المبادرة في الثالث من مارس عام 1924، في غضون ساعات ألغى الخلافة واضعاً نهاية ل600 سنة من العصر العثماني.
ميسون عزام:
دكتور مسعود برأيك هل كان الهدف من إلغاء الخلافة تحديث تركيا؟ أم أن تكون السيطرة بداية في يده من جهة هذا طبعاً ومن جهة أخرى إبعاد تركيا عن محيطها الإسلامي؟
 د. مسعود ضاهر: 
بطبيعة الحال هي الخلافة كانت ألغيت على أرض الواقع وإن كانت بقيت شكلياً حتى تلك الفترة وفي سنوات 1919 - 1923 واضح بأن الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا واليونان استفادت من الخلافة وأوجدت نوعاً من الخلاف بين الخلافة العثمانية وبين أتاتورك وحتى اعتبرت أو اعتبر السلطان أن أتاتورك متمرد على السلطنة، إذاً ومن يقرأ خطب كمال أتاتورك التي صدرت في عام 1930 وأعيد نشرها في عام 2003 وهو كتاب ضخم من حوالي 760 صفحة يعتبر من أفضل المصادر حول هذه الحقبة بالذات يعني ما بين 1919 و1927 للأسف عدد كبير من المؤرخين العرب لم يقرؤوا هذه الوثيقة المهمة التي تظهر شخصية أتاتورك وتظهر الاتفاقيات التي وقّعها والظروف الدولية التي أحاطت بتلك المرحلة وحتى الكلام على انتداب أميركي في تلك الفترة على تركيا ورسائل من الأديبة خالدة أديب وإلى آخره فهذه المرحلة خصبة جداً وبالتالي كانت الخلافة قد ألغت نفسها على أرض الواقع حين تعاونت مع الدول الأوروبية فكان من الطبيعي عندما أراد مصطفى كمال أن يبني دولة حديثة على أسس حديثة أنه لا مجال بعد الآن للإمبراطوريات القديمة سواء السلطنة العثمانية أو الإمبراطورية الهنغارية النمساوية في تلك الفترة، انهار انتهى عصر الإمبراطوريات وبدأ مرحلة بناء الدولة القومية وبطبيعة الحال كمال أتاتورك كان متأثراً جداً بالأفكار الليبرالية الغربية وكان يعتبر بأن تركيا جزء من أوروبا وليست جزء من الشرق وهذا الكلام الأيديولوجي على أن كمال أتاتورك حرف تركيا عن مسارها التاريخي كلام غير دقيق على الإطلاق وحتى دخول الوثائق التي تقدمت بها تركيا باستمرار للدخول إلى أوروبا كانت تشير في المقدمة بأن تركيا كانت على الدوام جزء من أوروبا وجزء من التراث الأوروبي وبالتالي بنى دولة قومية تركية على غرار الدول القومية التي أُسست في أوروبا في تلك الفترة. 
ميسون عزام: 
طيب لنستمع إلى رأي الدكتور محمد، دكتور محمد استمعت دكتور مسعود يقول أن بعض الدول الغربية استفادت من الخلافة ولكن ماذا عن تركيا بعد إلغاء الخلافة؟ إلى أي مدى ساعد ذلك في إيجاد صور إيجابية لتركيا؟
 د. محمد نور الدين: 
أولاً الخلافة سقطت رسمياً في آذار عام 1924 لكنها عملياً سقطت عام 1920 في 10 آب أغسطس 1920 عندما وافق السلطان على توقيع معاهدة سيفر التي شرذمت تركيا وقطّعتها إرباً، هذه نقطة تحول حينذاك في علاقة الأتراك بمصطفى كمال وبالخلافة، بعد تلك الاتفاقية سقطت القيمة المعنوية للخلافة بنظر المجتمع والشعب التركي وارتفعت أسهم مصطفى كمال كمحيي ومنقذ لهذا المجتمع من زاوية إسلامية، يعني هذه النقطة قد تغيب عن بال بعض المحللين وهو أن مرحلة 1919 - 1922 يعني عشية إعلان الجمهورية هي مرحلة قومية بالنسبة لأتاتورك بامتياز ومرحلة دينية أيضاً، هذه المرحلة استطاع أتاتورك بمكيافيلية غير مسبوقة أن يستخدم العامل الديني في تجييش وحشد المجتمع حوله من أجل خوض حرب التحرير الوطنية فمثلاً في تلك الفترة أتاتورك نفسه منع تناول الخمرة بصورة علنية مثلاً، كان يرتدي زي رجال الدين ولذلك لُقب بالغازي في تلك الفترة وهو لقب لم يُعطَ لعدد كبير من السلاطين في المرحلة الأخيرة من الدولة العثمانية، وبالتالي أتاتورك في هذه المرحلة كان إسلامياً وكان قومياً طبعاً وبالتالي عندما أعلن الجمهورية عام 1923 كانت الخلافة قد سقطت عملياً ولم يبقَ سوى إعلان وفاتها، ثم بعد أن تفرقت الإمبراطورية الإسلامية العثمانية إلى دول قومية الإسلام ليس المسيحية وبالتالي ليس في الإسلام فاتيكان ليس في الإسلام بابوية وبالتالي حتى لو بقيت الخلافة ستبقى خلافة على من؟ وبالتالي كان بطبيعة الحال أن تُلغَى هذه الخلافة، طبعاً هذه معنوياً سبّبت نوعاً من خيبة الأمل لدى شعوب العالم الإسلامي لكن نحن نفهم ذلك لأن الدولة العثمانية توسعت وتمددت باسم الإسلام وهي رفعت مجد الإسلام عبر قرون متعددة ولذلك كانت هذه الصدمة المبررة لكنها غير الواقعية لدى الشعوب الإسلامية من وراء إلغاء الخلافة عام 1924.
ميسون عزام:
 طيب نعم ماذا عن موقفه بالنسبة للمرأة؟ يعرض الفيلم سياسات أتاتورك تجاه تحرير المرأة بصورة لافتة للانتباه، هناك تناقض في هذا الفيلم يظهره بين سلوكه الشخصي في هذا المجال وسلوكه السياسي.
 [مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي:
بعد أن أرسل فكرية لتلقي العلاج في سويسرا عبّر مصطفى كمال عن اهتمامه بلطيفة وبعدها بفترة وجيزة تزوجا.فاميك فولكان: في سويسرا علمت فكرية بزواج أتاتورك فعادت إلى أنقرة وأطلقت النار على نفسها من مسدس اشترته هدية له.أندرو مانغو: كانت لديه غرائز إزاء الحريم لكن فكره كان عصرياً وأراد تحرير المرأة وهذا أمر منطقي بغية تقدم البلد ليتماشى مع بقية الدول المتحضرة، لكن في حياته الخاصة وجد من الصعوبة بمكان معاملة النساء بمساواة.
ميسون عزام:
 دكتور حمد لا شك أن أتاتورك كان من أوائل الداعمين لقضية المرأة في العالم الإسلامي ولكن نلاحظ في هذا الفيلم الوثائقي وجود تناقض في شخصيته فيما يتعلق بسلوكه الشخصي وسلوكه السياسي، كيف يمكن أن نفسر ذلك؟
د.حمد بن صراي:
هذه المشكلة في تناقض شخصية الرجل، هذا بدأ معه من صغره إلى أن توفي، متناقضة بين الواقع اللي يعيشه في نفسه وبين واقع الأمة الذي كان يقودها هو، يعني يحرر المرأة ثم يرتكب مع المرأة حماقات أخرى، ينادي بالمساواة ثم هو في قرارة نفسه يعمل عكس تلك المساواة التي يناديها، هو يريد أن يظهر أمام الناس بشخصية غير عن شخصيته الداخلية في البيت أو في علاقاته النسائية وهذه إشكاليته يعني هذه المرأة التي انتحرت والأخرى التي أقام علاقات خارج إطار الزوجية يعني هذه هنا إشكالية وتناقض في حياة الرجل وبالتالي أنا في اعتقادي أن كثيراً من قرارات أتاتورك التي بنيت بعد بناء الدولة وقبلها كانت تقوم على بعض الأسس المتناقضة بين واقعه المعاش وبين واقعه الخارجي.
ميسون عزام: 
طيب لنستمع إلى رأي الدكتور مسعود حول هذه النقطة هذا التناقض الذي ظهر لنا في هذا الفيلم الوثائقي، يعني كيف يمكن أن نفسره؟ هل تعتقد أن أتاتورك فيما يتعلق إلى نظرته إلى قضية المرأة كان فعلاً يسعى إلى حرية المرأة؟ أم أنه ربما استخدم ذلك سلاح ضد معارضيه؟
د. مسعود ضاهر: 
بطبيعة الحال لسنا هنا لنحاكم شخصية أتاتورك في هذا الجانب أو غيره من الجوانب، المهم عندما أراد أتاتورك أن يبني دولة وبأن المرأة تشكل نصف المجتمع كان لا بد من اتخاذ قرارات جريئة لتحرير المرأة من القيود التي كانت تكبلها في الكثير من قضايا التعليم وقضايا العمل وقضايا الأمومة وإلى آخره وبالتالي أنا هنا لست لأحاكمه كيف كان سلوكه مع زوجته أو كيف كان.. 
ميسون عزام:
  نحن نحاكمه بحسبما جاء في الفيلم الوثائقي، يعني هذا التناقض كيف يمكن أن نفسره؟ هل مبرر تعتقد؟
د. مسعود ضاهر: 
 فليحاكمه من يريد محاكمته، يعني نحن كمؤرخين كل إنسان ممكن يكون عنده تناقضات بشخصيته أو في سلوكه الشخصي لكن نحن نتعاطى الآن مع أتاتورك كباني دولة وكمؤسس لجمهورية حديثة..
ميسون عزام: 
طيب باني دولة هل استخدامه لذلك لبناء الدولة بالفعل وإيمانه بحرية المرأة برأيك؟ أم أنه سلاح ضد معارضيه برأيك؟
د. مسعود ضاهر:
  ممكن يكون سلاح ضد معارضيه يعني أنا لست لأدافع عنه أو لأحاكمه في هذا الجانب، لكن القضية التي يجب التركيز عليها بأنه كان له وعي سياسي بضرورة تحرير المرأة في المجتمع التركي من أجل بناء دولة حديثة، قد يكون هو متناقضاً في علاقاته النسائية وقد تكون ظروف عائلية خاصة به هذه قضية شخصية لكن على مستوى بناء دولة على مستوى بناء وطن على مستوى تحرير نصف المجتمع على مستوى تعليم المرأة والعمل وإلى آخره هذه قضايا مهمة جداً وبالتالي لا يجوز تقليص المشكلة إلى الحد أنه..
ميسون عزام: 
إذن يجب أن نفصل بين الاثنين ويجب أن نتوقف الآن مع فاصل قصير، مشاهدينا نعود بعده إليكم لنتابع معاً برنامج مشاهد وآراء حيث نناقش الفيلم الوثائقي "أتاتورك"، مشاهدينا ابقوا معنا.[فاصل إعلاني]
ميسون عزام:
مشاهدينا أهلاً بكم مجدداً ما زلنا معكم وبرنامج مشاهد وآراء نناقش معاً الفيلم الوثائقي "أتاتورك"، يعطي الفيلم الوثائقي إشارات عن كيفية تعامل أتاتورك مع معارضيه.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي:
بعد المحاكمات شُنق ثلاثة عشر شخصاً متورطين بالمؤامرة أمام العلن، وهكذا فإن كل الأصوات المناهضة لمصطفى كمال وإصلاحاته أُسكتت.
ميسون عزام:
دكتور محمد البعض قد يرى تشابهاً ما بين محاولة الاغتيال الفاشلة لأتاتورك وأيضاً محاولة الاغتيال الفاشلة لعبد الناصر يعني في الحالتين استخدمت محاولة الاغتيال للقضاء على المعارضة الإسلامية، هل تعتقد أن أتاتورك بدوره تقصد استغلال هذه المسألة؟ ولماذا؟
د. محمد نور الدين:
أولاً لم يكن ممكناً أن يُحكَم شعب نسبة الأمية فيه كانت أكثر من 90% وخرج مثخناً ومثقلاً وتعباً من حروب متواصلة خلال السنوات الأخيرة التي سبقت إعلان الجمهورية ومع بنى تحتية مدمرة ومع ثقافة منهزمة أن يُحكَم بغير الطريقة التي حكم بها أتاتورك، أولاً هذا على الصعيد الداخلي ثم إن الظروف الدولية والإقليمية المحيطة بتركيا لم تعرف أيضاً مجتمعات أو دول على.. ذات مستوى ديمقراطي كما يُنظَر إليه الآن وهذا يحيلنا مجدداً على كيفية مقاربة الماضي هل من زاوية تلك الظروف؟ أم من زاوية الحاضر؟ لكن من المؤكد أن مصطفى كمال أتاتورك أسّس للأسف لحكم الحزب الواحد طوال فترة سلطته من 1923 حتى 1938، هناك كانت محاولتان يتيمتان لم تستمر كل واحدة منهما أكثر من عدة أشهر لتطبيق تعددية حزبية لكن هذه فشلت وبالتالي مرحلة أتاتورك لم تعرف الديمقراطية كما نعرفها الآن وهذه مرجعية يفتقدها الأتاتوركيون الذين خلفوا أتاتورك عندما يعودون بكل شاردة وواردة إلى أتاتورك، أتاتورك قال كذا وكذا وعمل كذا وكذا إلا في المسألة الديمقراطية لا يجدون مرجعية في أتاتورك بالنسبة لهذه النقطة، وأنا أؤيد الدكتور مسعود في بداية الحلقة عندما قال إن خلفاء أتاتورك كانوا غير أمينين للإرث الذي تركه أتاتورك، إذا كان أتاتورك لم يحسن صناعة ديمقراطية أو حريات في عهده فماذا كان ينقصهم هم في مرحلة نشوء ما يسمى العالم الحر بعد الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة من أن يؤسسوا ديمقراطية حقيقية؟
ميسون عزام:
طيب ماذا عن الحرف العربي؟ جزء أساسي من جهد أتاتورك استهدف إبعاد تركيا عن تاريخها وثقافتها في الشرق الأوسط، دعونا نتابع المقطع.
[مقطع من الفيلم الوثائقي]التعليق الصوتي:
مستخدماً قوة شخصيته وإقناعه أقنع مصطفى كمال الشعب التركي بأن التعلم بالأبجدية الجديدة وتعليمها كانت مهمة وطنية، وقد طاف أرجاء البلد حاملاً لوحاً أسود وعلّم الأبجدية الجديدة، جعل إصلاح النظام التربوي التركي من مصطفى كمال أستاذاً ناشئاً، بفضل الإصلاحات التربوية تم التخلي بالكامل عن الأبجدية العربية وشب جيل جديد من الأتراك تحت الضوء الساطع للحرية والمعرفة.
ميسون عزام:
دكتور مسعود هل تعتقد أنه كان من الضروري إلغاء الحرف العربي وفرض الحرف اللاتيني؟ ولماذا؟
د. مسعود ضاهر:
يعني هل هناك خيار الآن للحديث على هذا الموضوع؟ نحن نقول بأنه هو عمل فعلة كذا وبالتالي نحاول أن نحلل لماذا؟ يعني في اعتقادي بأن الحرف الأوروبي الذي استخدمه كمال أتاتورك كان يريد هو هذه من وجهة نظره أنه أقرب إلى أو أسهل في التعاطي بالنسبة للتعليم، هل هذه المسألة صح أو خطأ؟ فيها وجهة نظر أيديولوجية أنه..
ميسون عزام:
من متابعتك هل ساعدت في تطوير تركيا ثقافياً؟
د. مسعود ضاهر: 
بالنسبة لعدد كبير من الأتراك نعم وبدليل أنهم ما زالوا يتمسكون بها حتى الآن لم يتخلوا عنها، ونحن حتى الآن نعيش تجربة الآن بدأنا ما.. بدأت غالبية الدول العربية تدرس باللغات الأجنبية وليس فقط بحرف وتستغني عن اللغة العربية في كثير من قضايا الدراسة، هل هذا صح أو خطأ؟ كيف تنظرين إلى هذا الموضوع؟ هو كان يتصور بأن الحرف العربي ليس من تراث الأتراك داخلياً، وبالتالي أبدل الحرف العربي واللغة الآن اللغة التركية هي لغة تركية تُكتب بحرف لاتيني، وعندنا نحن كانت محاولة قام بها سعيد مثلاً للكتابة بحرف لاتيني أو بعض المحاولات لم تنجح باعتبار أن لدينا تراث كبير عربي وإسلامي قديم وبالتالي من الصعوبة جداً التخلي عن هذا الموضوع، هل كان من الممكن أن يبقي على اللغة العثمانية ويطوّر هذه اللغة ويستخدم أساليب أخرى؟ كان ممكن وكان من الأفضل برأيي لو طوّر اللغة العثمانية لكن هو اختار هذا السبيل وبالتالي الشعب التركي هو الذي يحكم والتربويون الأتراك هم الذين يحكموا إذا كانت هذه التجربة ناجحة أو تجربة فاشلة لكن في اعتقادي أنهم ما زالوا متمسكين..
ميسون عزام: 
طبعاً نحن نقيم هذه التجربة من خلال اطلاعك على هذا التاريخ ولكن على كلٍ لننتقل لضيق الوقت إلى مقطع..
د. مسعود ضاهر:
ما زال التربويون الأتراك متمسكين بهذه التجربة ولم تجرِ أي محاولة للتخلي لكن كانت الأزمة الكبيرة التي أوجدتها هذه التجربة بالنسبة للتراث العثماني باعتبار أن تركيا الحديثة باتت تفتقر إلى حد كبير وهائل بالنسبة لمن يقرأ اللغة العثمانية والتي فيها ملايين..
ميسون عزام:
دكتور يعين لضيق الوقت دعني أنتقل إلى الدكتور محمد حول هذه النقطة ويبدو أن لديه إضافة ومداخلة اسمح لي.. نعم دكتور محمد تفضل.
د. محمد نور الدين:
يعني أنا يمكن أن أجيب على مثل هذا السؤال ربما من خلال خبرتي الشخصية في هذا المجال أنا كما يعرف الدكتور مسعود زميل له في الجامعة اللبنانية وأدرّس اللغة التركية، من خلال التجربة الحرف اللاتيني الذي اعتمده أتاتورك مفيد في ناحيتين أولاً: في حسن قراءة اللغة ثم في حسن الكتابة بدون أخطاء، لكن ما عدا ذلك تغيير الحرف ليس مسألة شكلية، اليابانيون عندما بنوا نهضتهم لم يغيروا حرفهم وهي من أصعب اللغات في العالم، الآن الأتراك عندما ينظرون إلى تراثهم إلى إرثهم المكتوب كله لا يوجد من يعرف اللغة العثمانية، الآن المتخرجون في اللغة العثمانية في جامعات تركية يُعدّون على عدد أصابع اليد وهم يدرّسون العثمانية في جامعات تركية كما ندرسها نحن مثلاً في الجامعة اللبنانية كما لو أنها لغة غريبة، أحد أهم أسباب أزمة الهوية في تركيا بين الغرب وبين الشرق هو تغيير الحرف، كان يمكن لأتاتورك أن يطور كما قال دكتور مسعود في هذه اللغة لا أن يغيرها، أما وقد وقعت الواقعة فليس أمامنا إلا أن ننطلق من الواقع الموجود حالياً.
ميسون عزام: 
دكتور محمد نور الدين الأستاذ الجامعي والمتخصص في الشؤون التركية شكراً جزيلاً لك على هذه المشاركة كنت معنا من بيروت، وأيضاً أشكر ضيفي من بيروت أيضاً الدكتور مسعود ضاهر مؤرخ وأستاذ التاريخ الحديث في الجامعة اللبنانية، واسمحوا لي أن أشكر ضيفي في الأستوديو الدكتور حمد بن صراي رئيس قسم التاريخ في جامعة الإمارات، مشاهدينا شكراً للمتابعة وإلى اللقاء.

السبت، 11 ديسمبر 2010

صقور الماريشال الأشقر..قصة الجيش التركي في تسعين عاماً.

تركيا..
ذلك البلد المسلم حاضن الخلافه حتى العقد الثانى من القرن المنصرم..إنه بلد متفرد التجربه..متفرد التاريخ..متفرد وسط منطقته السياسيه..فمن أين نبدأ؟
من الجيش التركى فلنبدأ..
ليست تجربة تركيا السياسيه وحدها هى المتفرده بل التجربه العسكريه كذلك فحين ننظر لتركيا لا يسعنا الا ان نرى البوسفر و ( أردوجان) و سلطان عثمانى صارم و جنرال أشقر غاضب و بندقيه فى يد جندى و بيده الأخرى علم به هلال و نجمه..
فما هى قصة الجيش التركى الحالى..كيف نشأ..كيف بات مستقلاً..كيف تطور..ما قصة إنقلاباته..ما حاله اليوم..و كيف سيكون غداً؟

ما قبل البدايه: 1919/1923
——————————-

كان يوم الثلاثين من أكتوبر بالعام 1918 أسوأ يوم فى تاريخ الأتراك و بقايا الجيش العثمانى فى أنحاء الامبراطوريه مترامية الاطراف؛فى ذلك اليوم أعلن السلطان (وحيد الدين) الإستسلام للدول الحليفه فى جزيرة مودروس موقعاً على نص الاستسلام و الذل للأمه التركيه كلها..لم يكن الأمر فقط قاصراً على ضرر الأتراك من وقوعهم تحت نير الفرنسيين و الايطاليين و الانجليز و همجية اليونانيين الساعين للإنتقام من قرون عده قضوها تحت السلطه العثمانيه؛بل إمتد الذل للجيش بأمر تسريح أغلب قواته و قادته و إعتقال بعضهم بيد الحلفاء..فى تلك الظروف مر آخر شهرين فى العام 1918 ليأتى عام جديد تظهر معه بوادر أمل..جنرال عثمانى يسمى( مصطفى على رضا) توجه بأمر سلطانى تم الغاؤه اليوم التالى مباشرةً الى الأناضول كمفتش على الجيش هناك..

ليعصى بعدها أمر عودته و ينظم بالأناضول بالتعاون مع قاده آخرين حركه سياسيه تهدف لنصرة الأمه التركيه على الاحتلال..سرعان ما تجمعت أجزاء من بقايا الجيش العثمانى و متطوعين أناضوليين و تم تأسيس جيش للمقاومه بقيادة نفس الجنرال الذى أسس الحركه السياسيه المعارضه مؤسساً مع رفيقه الوفى (عصمت )جمعيات سريه محليه للمقاومه فى الأناضول و غيرها..مع العام 1920 كانت القوى الفرنسيه و الايطاليه تحت ضغط هزائم قواتها بتركيا و ظروف ما بعد الحرب بداخلها و فى مستعمراتها الأخرى تعلن هدنه أكدتها بالعام 1921 ثم إنسحبت بالعام 1922..و فى نفس الأثناء كان كفاح بقايا الجيش العثمانى يمتد للدفاع عن التراب الوطنى ضد الجيش اليونانى المتقدم بعد فشل الفرنسيين و الايطاليين بإيعاز من حكومة المملكه المتحده و الذى لم يكن يعانى من إضطرابات داخليه فى بلاده و لم يشارك بالحرب العالميه الأولى و ليست له مستعمرات أخرى تشغله عن ميراث الدم مع العثمانيين..تقابل الجيشان فى مواقع عده و اجبرهم الأتراك على الهروب فى سبتمبر 1922 بعد هزائم منكره متتاليه..فى 1923 إنسحبت الجيوش اليونانيه من ال10% التى تبقت فيها بعد العام 1922 و تولى الجنرال التركى رئاسة البلاد ومعه تولى صنع جديد للدوله و مؤسساتها و منها الجيش بطبيعة الحال..
*هنا كانت لحظات ما قبل التكوين للجيش التركى الذى نعرفه اليوم حيث تأسس من بقايا الجيش العثمانى الذى تم تسريحه و خاض عبر عامين النضال المسلح ليحرر90%من أراضى الوطن..بالتالى كانت نواة الجيش التركى الحالى و قبل البدايه الرسميه له فى 1923 كان هو نفسه صاحب الإنجاز فى تحرير البلاد مما شكل له هيبه كبيره و حالة فخر مطلقه تسرى بينه كما تسرى بين ضلوع كل تركى مخلص..فكانت قوات الجيش التركى النظاميه المؤسسه فى 1923 كجزء من مؤسسات الجمهوريه التركيه كالحكومه و المجلس الوطنى هى نفسها تلك القوات العثمانيه العائده من الشام و أوروبا منهكه مهزومه ثم متمرده فمحرره للتراب الوطنى التركى


الجيش فى عهد اتاتورك:
—————————

كان عهد( مصطفى كمال أتاتورك )من زاوية البناء أفضل عهد مر على الأتراك منذ عقود طويله..فبعيداً عن السياسه التى تميزت بالاستبداد و حكم الحزب الواحد (حزب الشعب) و الديكتاتوريه القادره كان عهد نمو و إزدهار فى مؤسسات الدوله و فى القاعدتين الزراعيه و الصناعيه..بطبيعة الحال كان الجيش واحد من المؤسسات التى إهتم بها (مصطفى كمال) بل لعلى لا أكون مبالغاً إن ذكرت أنه إهتم بالجيش أكثر من إهتمامه بأى مؤسسه فى البلاد..بحيث كانت تتحكم فيه و هو ناظر للجيش خبراته الممتلئه بالمراره عبر هزائم رآها فى حرب البلقان الأولى ثم حرب الشام و حرب القوقاز إبان الحرب العالميه الأولى بسبب ضعف تسليح و تدريب الجيش العثمانى..تمثل إهتمامه بالجيش من خلال وضع تسليحه الحديث و زيادة أعداد الجيش على الرغم من إعتراض الكثير من الأوروبيين و تدريب قواته قدر الإمكان بحيث يكونوا قادرين على حماية النظام من أى تمرد مسلح (تحققت مخاوفه من خلال تمرد مسلح لأكراد تركيا ممول من إنجلترا فى الأعوام 1925و1930)..أو لحماية البلاد من المحتلين المحتملين هنا لا بد من توضيح نقطتين ؛ الأولى هى ماذا كانت المبادئ التى أدار بها (مصطفى كمال أتاتورك) الجيش و الدوله ثم ماذا كانت طبيعة التبعيه بين الجيش و أتاتورك..هنا لا بد من توضيح الآتى فى نقطتين أو مبدأين من وضعه الخاص؛كانت مبادئ أتاتورك فى تسيير الجيش مبدأين:

-1-سلام فى الداخل و سلام فى العالم.
-2-لا تدخل للجيش فى السياسه و لا تدخل للسياسه فى شئون الجيش.

من المبدأين نجد أن الجيش تركزت مهمته على حماية الجمهوريه العلمانيه القوميه و حماية أراضيها من اخطار الداخل و الخارج..مع الإحتفاظ بمبدأ سلام فى العالم بحيث لا يجوز للجيش بالمره التدخل العسكرى فى شئون البلاد الأخرى إلا فى حدود ضيقه جداً و ظروف دقيقه جداً(تمثل هذا فى الوجود التركى بقبرص لحماية الأقليه التركيه بالجزيره و فى كوريا تحت لواء الأمم المتحده كورقه للإنضمام للناتو للمزيد من التسليح و التدريب الممتاز بالجيش) مع بيان هام:
كانت هناك نصوص بالدستور التركى الذى وضعه (مصطفى كمال) بنفسه أهمها نص:

(الجيش هو الؤتمن على سلامة البلاد الداخليه و الخارجيه)

..لذا فإن النقطه الأولى التى توضح مبادئ الجيش و تسييره فى عهد (أتاتورك) قد وضحناها..

ثانياً بالنسبه لطبيعة تبعية الجيش فقد كان ( أتاتورك) بطبيعة الحال كمؤسس لجيش المقاومه و زعيم له إبان حرب التحرير ثم رئاسته لتركيا و إعادة تأسيس الجيش على يديه ، كان بوضوح قائد للجيش و تبعيته له بل كان الولاء المطلق له و لم يشهد أى جمعيه أو تنظيم سرى ضد (أتاتورك) بل كان الجيش هو قلب الدوله التى أسسها و أدارها..لذا فقد كانت مسألة ولاء الجيش للدوله مفهومه و مسألة تبعية الجيش لقيادة ( أتاتورك) محسومه و بالتالى لم يكن الجيش التركى فى الفتره من (1923/1938)رقيب على الدوله بل مؤسسه من مؤسساتها لا تمارس أى رقابه على العمليه السياسيه و تتلقى الأوامر و التعليمات من الرئيس و حكومته التى يعينها ، كذلك كان (أتاتورك) برتبة ماريشال و هى أكبر رتبه فى الجيش مطلقاً لذا فمن الناحيه النظريه و العمليه كان هو قائد الجيش و الجيش تابع له فى إطار دوره قبل التأسيس للجمهوريه و بعدها..


اللحظات المفصليه:كيف إستقل الجيش عن القياده السياسيه:
أتصور أن لحظة موت (مصطفى كمال أتاتورك) كانت أكثر اللحظات العصيبه التى مرت على تركيا..من الجلى بقراءة كتب التاريخ أن الاستبداد حين ينتهى بوفاة الديكتاتور القوى فإن الأمور تتدهور و تتمزق أواصر النظام بفعل التنازعات التى تلى إنتهاء مركز القوه..لكن الحال فى تركيا كان مختلفاً إذ كانت كافة مؤسسات الدوله قد إنتقلت الى يد (عصمت إينونو) فى اليوم التالى لوفاة (أتاتورك) مباشرةً و لم تحدث أى إضطرابات بفعل أن (عصمت إينونو) كان هو المسيطر الفعلى عليها إبان مرض (أتاتورك) الأخير و بالتالى فقد كان من السهل جداً نقل الحكم و تسليمه بلا اضطرابات ..و لكن وسط هذا كان وضع الجيش غامضاً على النحو التالى:
-1-كان (عصمت) له رتبة جنرال فقط أما قائد الجيش(فوزى قاشماش)له رتبة ماريشال و هى أعلى رتبه بالجيش و هى نفسها رتبة القائد المؤسس للدوله و للجيش معاً (أتاتورك).
-2-كان (فوزى) هو القائد المتحكم فى الجيش بطبيعة الحال بينما (عصمت) منذ 1923 بعيد عنه و منشغل بالسياسه.
-3-لم يحدد الدستور التركى الذى وضعه (مصطفى كمال) وضعية الجيش بالنسبه للدوله و بالتالى كانت إستقلالية الجيش عن مؤسسات الدوله أو تبعيته للدوله ككأى مؤسسه ، كانا خيارين قلقين منذ لحظة وفاة (أتاتورك)..
*من هذا تكونت اللحظه الفاصله حيث تمتع الجيش بمرور الأيام وسط صمت من (عصمت) بإستقلاليه عن الدوله و لم يكن يتلقى تعليماته الا من (فوزى) كما أسلفت..و بالتالى فمع غموض توصيف الجيش و تحديد وضعه بالدستور ووسط صمت (عصمت) و نفوذ ( فوزى) تمتع الجيش بوضوح بإستقلاليه فى الإداره و تقلص الإداره فى رأس الجيش لا فى رأس الدوله السياسى كما كان الحال إبان (أتاتورك)..
و لعلى أتفهم أن الجيش كان يتبع القائد كأى مؤسسه بالدوله لكن مع وفاته بدأ يتميز عن غيره من المؤسسات بفعل تاريخ الجيش البطولى و دوره فى الحفاظ على مبادئ المؤسس (أتاتورك) و الأهم ألا و هو تجاهل (عصمت) للأمر بحكم صداقته القويه ب (فوزى قاشماق) و بالتالى لم يكن هناك صراع بل تسيير عادى للأمور بلا منافسه فكلاهما مخلص (لأتاتورك) و مبادئه..(يُذكر هنا أنه و بعد تقاعد ( فوزى) المعروف بتدينه الشديد ترأس شرفياً الحزب الوطنى الذى يدعو لإسلامية تركيا فى تغيير ملفت للنظر لأفكاره و نظرته للدوله إبان الأربيعينيات 1946 فى فترة حكم (إينونو) !!!)..و على كل حال فقد إستقر الأمر كالتالى:
-1-الدوله و مؤسساتها و حزب الشعب يديرها (إينونو) بصفته رئيس الدوله.
-2-الجيش له وضعه الخاص تحت قيادة الماريشال (فوزى) و لا يتبع (عصمت) لأن الدستور لا يوضح هذا و لأن (عصمت) بعيد عن الجيش منذ 16سنه قبل وفاة (أتاتورك) .
-3-كل المؤسسات و الجيش مسخران لتنفيذ مبادئ المؤسس و تعاليمه فى نشأة الدوله.
*نخلص مما سبق الى أن وفاة (مصطفى كمال أتاتورك) كانت لحظه فاصله مفصليه أدت لإستقلالية وضع الجيش تحت ظروف غموض تبعيته للقياده السياسيه بالدستور و تحت ظروف نفوذ (فوزى) و تفاهماته مع (عصمت) و عدم وجود صراع بينهما فلكل منهما دور يؤديه..و هكذا بوفاة (أتاتورك) تمتع الجيش و لأول مره فى تاريخ تركيا بالاستقلاليه الكامله عن القياده السياسيه بالدوله..

إنقلابات أبناء الجنرال:قصة الإنقلابات فى تركيا

—————————————————–

توضيح هام: هذا الجزء ربما يثير ملل القارئ لما فيه من تفاصيل سياسيه كثيره..لكن الحال يحتم ذكرها لأشرح كل الظروف التى أدت لكل إنقلاب..فليعذرنى القارئ لكننى مضطر للحديث عن امور فرعيه لكن أساسيه فيما يلى..و بالتالى لو شعر القارئ بنوع من الثقل فهذا يرجع لطبيعة الظرف الذى أكتب عنه و الذى يحتاج شرحه للكثير من الحديث حول الأوضاع السياسيه و الاقتصاديه قبل كل إنقلاب.


*الإنقلاب الأول:إنقلاب الدم
————————————————-

فى ليلة السابع و العشرين من مايو للعام 1960قامت قوات الجيش التركى بقيادة الجنرال (جمال جورسيل) بإحتلال مبنى الإذاعه و كل المؤسسات الحكوميه مُلقيةً القبض على رئيس الدوله ( جلال بايار ) و رئيس الوزراء (عدنان مندريس ) و قائد الجيش و كبار قادة الحزب الجمهورى..و ينتهى الأمر بدستور جديد يقنن إستقلالية الجيش عن مؤسسات الدوله و القياده السياسيه و يؤكد رقابة الجيش على الدوله فى يوليو 1960 و احكام بالاعدام تمتد ( لمندريس ) فى سبتمبر1961..فكيف حدث هذا ؟ و لماذا ؟…

*كانت نتائج إنتخابات 1950 مفاجئه بالنسبه للجيش و علامه ديموقراطيه مؤسسه فى تاريخ تركيا..فلأول مره يخرج حزب الشعب القائم على الظام الكمالى من الحكم تماماً و يحل محله حزب جديد يترأسه صديق ( أتاتورك) و رفيقه المخلص بحرب الاستقلال و أحد أبطالها (جلال بايار)..إلا أن الجيش لم يعترض أو ينقلب على النتائج بل ظل لمدة 10 سنوات بعدها يراقب ما يحدث حتى جاء يوم الإنقلاب..
تميز عهد( مندريس ) فى الحكم بعد إنتخابات 1950و 1954 بإنجازات و أخطاء كلاهما هائل..فنعدد إنجازاته:
-1-حافظ ( مندريس ) على طبيعة النظام الكمالى و مبادئ الدوله العلمانيه دون أى تغيير.
-2-إنضم ( مندريس ) بتركيا فى حلف شمال الأطلنطى18فبراير1952.
-3-تطوير الوضع الزراعى كثيراً بإدخاله المزيد من التكنولوجيا الزراعيه و إقامة السدود الحديثه مما زاد من رقعة الارض الزراعيه و زادت حركة التصدير الى اوروبا.
-3-صناعة حركه صناعيه كبرى فى تركيا أدت لنمو صناعى تفوق كثيراً على ما سبقه بحيث تحولت رسمياً تركيا لبلد صناعى متطور.

*على ذلك كانت هناك أخطاء عده أدت لتذمر الجيش و جزء كبير من الشعب بعد إنتخابات 1957 و التى خسر فيها الحزب جزء كبير من قوته بالبرلمان :
-1-على الرغم من تأكيد( مندريس )على علمانية الدوله إلا أن حسابات الانتخابات جعلته يتساهل فى كثير من القرارات السياسيه التى مست الجانب الدينى مما تسبب فى ظهور تيار دينى سياسى معادى لمبادئ الدوله الكماليه.
-2-نما التيار الدينى المعادى لمبائ (أتاتورك) و لم يتصدى له ( مندريس) لحسابات الانتخابات مما زاد من حفيظة الجيش ضده.
-3-تحويل البلاد من الفكر الإقتصادى الإشتراكى القائم على أسس دور الدوله الذى أرساه (أتاتورك) الى نظام ليبرالى إقتصادى أدى لظهور طبقه إقطاعيه و برجوازيه صناعيه أثارت جنون الجيش الذى رأى الفقر يزداد و الاقطاع كذلك فى حين أرسى (أتاتورك) مبادئ الاشتراكيه و حق الفلاح على حساب الاقطاعى.
-4-حدوث تضخم مالى قاتل بسبب النمو السريع و أخطاء إقتصاديه كبيره وصل الى 60% و رفع أسعار السلع بجنون فإزداد الفقر .
-5-إنتشار الفساد بسبب الصفقات بين قاده بالحزب الحاكم الجمهورى و بين كبار الإقطاعيين الذين نشأوا فى عهد ( مندريس ) و كذلك كبار رجال الصناعه و كثرة خروقات القانون.
-6-تحول ( مندريس ) الى إستبدادى كبير فضيق الحريات الصحفيه و ضيق على الأحزاب السياسيه و بالذات حزب الشعب و حظر الاشتغال بالسياسه فى الجامعه.
-7-أصدر قانون صادر فيه كافة مقار حزب الشعب بحجة انها من اموال الدوله و أصدر قانون بات فيه من حقه طرد أى موظف بالدوله دون إبداء أسباب مما أعطاه القوه لإضطهاد كل الموظفين غير الموالين لحزبه.
-8-منع الأحزاب نهائياً بإستثناء حزبه من إستخدام جرائد أو إذاعة الدوله و أصدر قانون لحبس أى صحفى يهاجمه او يهاجم الحكومه أو الحزب.
-9-التصنت على الهواتف و الرسائل و منع (إينونو) من دخول البرلمان و إهانة ذكرى (اتاتورك).
*كانت تلك الأسباب تتراكم و الجيش على وشك الإنفجار حتى حدثت كارثه أو فلنقل كارثتين متتاليتين شكلتا القشه التى قضمت ظهر البعير..

*1* فى أثناء جوله إنتخابيه لإينونو فى البلاد تم منعه من دخول مدينة قيصرى بأمر من مندريس و حبسه بالقطار..إلا أنه غادره بالقوه و سار بين جماهير احتشدت له و تطوع 3 ضباط للدفاع عنه فأصدر ( مندريس ) أمر بإعتقالهم مما شكل قنبلة داخل الجيش ف( عصمت إينونو ) رمز للدوله و الجيش و قائد من أكبر قادة حرب الاستقلال لا يجوز إهانته فما بالكم بما حدث له ؟!!

*2* كذلك فى البرلمان تطاول بعض النواب على ذكرى (أتاتورك) و (إينونو) من حزب الديموقراطيين و إتهموهم بالاجرام و طلبوا محاكمتهم!!!
بالتالى كانت النتيجه أن أعلن ( جمال جورسيل ) قائد الأركان إستقالته إحتجاجاً و عاد معتكفاً الى أزمير…
هنا تم تدبير خطه للإنقلاب لم يعلم بها مطلقاً (جمال جورسيل) حتى اليوم السابق للإنقلاب حين ذهب اليه قادة الإنقلاب سراً و أقنعوه بقيادة الإنقلاب ليتم و ينتج عنه الآتى:
-1-القبض على قائد الأركان الجديد و رئيس الدوله و رئيس الوزراء و كبار قادة الحزب الديموقراطى و رجال الاعمال و الاقطاعيين و نواب الحزب بالبرلمان و أساتذة جامعات موالين للحزب.
-2-أحكام بالاعدام لرئيس الدوله و رئيس الوزراء ووزير الخارجيه و الماليه تم تنفيذها بإستثناء رئيس الدوله الذى تم تعديل الحكم بحبسه 25 عاماً.
-3-حملة تطهير شملت اقصاء آلاف الضباط من الموالين ( لمندريس ) و أساتذة الجامعات و ك.
ل من يمت للحزب الديموقراطى بصله.
-4-دستور جديد أكد على إستقلالية الجيش و رقابته على الدوله و الملكيه العامه مع السماح بالقطاع الخاص تحت رقابة الدوله.
-5-إتاحة كل الحريات و الانتخابات النزيهه و الغاء التصنت و رفع كل الاحكام العرفيه و إعادة الديموقراطيه و الحريات كلها و تم تنفيذ هذا بالكامل تحت إشراف الجيش فى إعادة لكل مظاهر الديموقراطيه بالكامل فى تركيا بل أفضل مما كانت قبل أى إنتخابات.
-6-إجراء أنتخابات نيابيه حره و نزيهه فى أكتوبر 1961أدت لحكومه مكونه من الشعب و العداله.
-7-إنتخاب ( جمال جورسيل ) رئيساً للدوله


*الإنقلاب الثانى:الجيش يجهض الإنقلاب
—————————————————————

فى مايو بالعام 1963 قام ( طلعت ايديمير ) رئيس الكليه الحربيه بمحاولة انقلاب فاشله بسبب التناحر السياسى بين حزب الشعب و حزب الفلاحين الجمهورى و قد فشل الإنقلاب بسبب قصف سلاح الطيران لقوات الانقلاب..

و تم إعدامه فى يوليو1964
*مع إنتخابات أكتوبر 1961 تشكلت حكومه إشتلافيه من حزب الشعب الكمالى و حزب العداله و كانت الحكومه برئاسة ( عصمت إينونو ) الذى ظل يحاول تسييرها بين تناقض الحزبين و صراعهما إلا أنه قد فشل فقدم إستقالته للرئيس ( جمال جورسيل ) فى مايو 1962 و كلفه الرئيس ثانيةً بتشكيل الحكومه ، فألفها بالإشتراك مع حزب الفلاحين الجمهورى الذى يعد وريث الحزب الوطنى المتدين و ظلت المظاهرات تجوب تركيا بين معارض و مؤيد لنظام ووسط مطالبات بالافراج عن محكومى إنقلاب 1960 الذين حُكم عليهم بالسجن على الرغم من أن (إينونو) قد أفرج عن (جلال بايار) مما شكل دافعاً لدى( طلعت إيديمير ) لمحاولة الانقلاب بسبب التناحر السياسى إلا أن الجيش أحبط الانقلاب فوراً بقصف كل قوات الإنقلاب على الأرض بواسطة سلاح الطيران منقذاً الحكومه على الرغم من عدم رضا الجيش فى الواقع عنها..و تمت محاكمة قائد المحاوله ( طلعت إيديمير ) و الحكم عليه بالإعدام فى يوليو 1964.


*الإنقلاب الثالث:حتى لا يتسلل اليسار
—————————————————–

فى مارس 1971 حدث إنقلاب بلا دبابات..حيث أعلن الجيش الأحكام العرفيه فى أغلب أنحاء البلادمقيلاً الحكومه و حكم البلاد بحكومه شكلها بنفسه حتى الانتخابات التى أُجريت فى أكتوبر 1973..
*فى إنتخابات 1969 حصل حزب العداله على 46.8%من الأصوات و بالتالى شكل الحكومه برئاسة ( سليمان ديميريل ) و بعض الأحزاب الضئيله..و كالمعتاد مع حزب العداله إنتشرت أعمال الإضرابات أنقره و إسطنبول للمطالبه بالاصلاح و القضاء على الفساد وزادت حدة الإشتباكات بين الفلاحين و الإقطاع وسط مظاهرات كادت تطيح بالنظام كله فى تسلل واضح للتيارات اليساريه و الفكر الشيوعى فى تلك الأوساط..

لم يصبر الجيش أكثر من عامين حتى انذر الحكومه فى مارس 1971 مطالباً إياها بضرورة السيطره على الأوضاع بقوات الشرطه لأن الدوله فى مهب الريح..إلا أن رئيس الحكومه ( سليمان ديميريل ) رفض الإنذار فاعلن الجيش إقالة الحكومه و رئيسها و تشكيل حكومه جديده من مدنيين و إستمر الحال مع الأحكام العرفيه حتى العام 1973 حين أُجريت إنتخابات شهر أكتوبر و كانت هذه هى النتائج:
-1- حصل حزب الشعب على أغلبية مقاعد و يليه حزب العداله.
-2- تشكلت حكومه من حزب الشعب و السلامه( أربكان ) فى يناير 1974 إلا أن رئيس حزب الشعب ( بولنت أجاويد ) قدم إستقالة الحكومه فى سبتمبر 1974 بعد فشله فى إدارتها لإستحالة إدارة حكومة اطرافها متصارعه.
-3-تشكلت حكومه جديده من أحزاب السلامه الإسلامى و العمل القومى المتطرف الطورانى و العداله برئاسة ( سليمان ديميريل ) مما وضع البلاد فى حالة إضطرابات حتى إنتخابات مبكره فى يونيو 1977.


*الإنقلاب الرابع:من أجلك أتاتورك
—————————————————

فى الحادى عشر من سبتمبر 1980 قام الجيش برئاسة الجنرال ( كنعان إيفيرين ) بإنقلاب أدى لإسقاط الحكومه و إعلان الأحكام العرفيه بالبلاد كلها و حل البرلمان و حل الدستور و إسقاطه ليتم إعلان حكم عسكرى إمتد الى العام 1983 حين تم البدء فى تفعيل الدستور الجديد الذى أسسه الإنقلابيون مرسخاً سطوة الجيش على الدوله كلها و علمانية الدوله و تضييق عنيف ضد كل النشاطات الإسلاميه و تُجرى إنتخابات جديده يفوز فيها حزب الوطن الأم من يمين الوسط..
* من مايو 1977 حتى سبتمبر1980 تتالت أربعة حكومات فشلت فى صناعة حكومه واحده تفى بوعودها كما سبقت فى الأعلى بشرح نتائج الإنتخابات من 1973 حتى 1977ووصل الامر الى الآتى:
-1-فشلت كل الحكومات فى صناعة أى إنجاز حقيقى وسط تردى مزرى للبلاد إقتصادياً.
-2- من العام 1977حتى1980 كان معدل القتلى من الاشتباكات اليوميه بين اليمين و اليسار و الاضطرابات العرقيه يصل الى 20 قتيلاً فى بعض الاحيان بالاضافه .
-3-كانت الإضطرابات الكبرى الإقتصاديه و إنتشار الفساد و النفوذ شيوعى و الدينى السياسى قوى جداً و منتشر فى حالة أثارت قلق الجيش خصوصاً مع التحالف مع الغرب الذى لا يرضى بالتوسع اليسارى فى البلاد من جانب و التمدد الإسلامى من جانب آخر الذى لا يرضى الجيش و يخيف أوروبا.

• لذا وفى ديسمبر 1979 وجه ( كنعان ايفيرين ) قائد الجيش انذارالى كل الأحزاب السياسيه و منها احزاب حكومة ( سليمان ديميريل )ألائتلافيه حزب العداله مع حزب السلامه الدينى و العمل القومى الذين تولوا الحكم من سبتمبر 1979 بعد استقالة ( بولنت اجاويد ) اثر هزيمه فرعيه لحزب الشعب فى انتخابات اكتوبر1979 لوقف التناحر السياسى و التقاتل الداخلى و أعمال الارهاب المسلح بينهم الا انه لم يوقف هذا شئ بينما رفض رئيس حزب الشعب هذا الانذار معتبره تدخل فى الشئون السياسيه.
تتالت الأحداث التى سبقت الإنقلاب ممثلةً سلسله من الكوارث:

-1- استمرار اعمال القتل و السلب و الإرهاب شغر منصب رئيس البلاد فى ابريل1980 و عجز البرلمان على انتخاب رئيس لخمسة اشهر حتى سبتمبر 1980 وسط احداث دمويه بالغة العنف بالشوارع .
-2-أعلن والى مدينة فاتس على البحر الاسود الانفصال فى كيان شيوعى عن الحكومه المركزيه.
-3-إمتداد أعمال القتل لبعض ضباط الجيش برتية جنرال.
-4-أعلن( نجم الدين أربكان) فى مؤتمر صوفى حاشد ضم 50 الف فى قونيه فى سبتمبر 1980 أنهم ينوون الغاء علمنة الدوله و العوده لنظام الشريعه فى تركيا.


هنا بلغ السيل الزبى و لم يعد الجيش يتحمل بالمره إنفجار الأوضاع بالجامعات و التهديد اليسارى و التهديد الإسلامى فوضع الجنرال ( كنعان إيفيرين ) خطه كان الجيش قدمها له بالعام 1979 للإنقلاب إلا أنه وقتها رفضها لأن رئيس حزب الشعب إستقال مما جعله يتصور إمكانية حل المشكلات بدون إنقلاب يسئ لشكل تركيا أمام العالم..و تم التطبيق فى يوم 11/9/1980 بصوره بيضاء لا دمويه حين استولى الجيش على كل المؤسسات و أقال الحكومه و حل البرلمان و الدستور ليعيد كتابة دستور جديد و يجرى إنتخابات فى إطاره الذى يجعل له سلطة الإنقلاب فى حالة مخالفة الحكومه لمبادئ (أتاتورك) لتُجرى الإنتخابات فى أكتوبر 1983 و يفوز حزب الوطن الأم من يمين الوسط التركى الجديد برئاسة ( توجرت أوزال ) .

*االإنقلاب الخامس:ضد كل الإسلاميين
———————————————–

يُمثل الإنقلاب الأبض شبه النظرى حله غريبه من الإنقلابات و آخرها فى تركيا..إذ إكتفى الجيش بتحريك محدود للدبابات وسط العاصمه ليجبر رئيس الوزراء الإسلامى ( نجم الدين أربكان ) على الإستقاله..

*فى إنتخابات 1996 نجح حزب الرفاه التركى فى إنتخابات حره كأى إنتخابات فى تركيا ليشكل مع حزب الطريق القويم (يمين الوسط) حكومه ناجحه تحظى بشعبيه كبيره فى يونيو1996..و قد حرص على إنفتاح عالمى إسلامى عن طريق:

-1- تشكيل مجموعات إسلاميه محليه مرتبطه بالخارج.

-2- تفعيل العلاقات مع منظمة المؤتمر الإسلامى (تركيا عضو مؤسس فى عهد ( سليمان ديميريل ).

-3- تشكيل مجموعة إسلاميه دوليه بإسم مجموعة الثمانى.

-4-دعا الى نصرة قضايا الملسمين فى الشيشان و فلسطين و غيرها.

*من زاويه أخرى حرص على تجنب الصدام القاتل مع الجيش الذى كان هو أحد أسبابه بالعام 1980 حين دعا لإسقاط علمانية تركيا و إعادة الشريعه للحكم عن طريق :

-1-التزم حرفياً بالمسار الإقتصادى الرأسمالى الذى أسس له (توجرت أوزال).

-2-التزم بإتفاقيات مدنيه و عسكريه مع إسرائيل.

-3-نفذ مناورات عسكريه مع أمريكا و أخرى مع إسرائيل شملت تدريب طيارين إسرائيليين فى تركيا ( هنا لا بد من الإشاره لأنه فعلياً لم يعترض لكنه حتى لو إعترض فلا فائده لأن الجيش وحده هو من يمنع أو يسمح على غرار منع اشتراك إسرائيل فى مناورات آخر العام 2009 الذى نسبه البعض لحزب العداله فى حين أن المسئول الوحيد عنه هو الجيش فقط).

-4-أكد على أن الدوله ملتزمه بمبادئ دستور1983.

*قدم الجيش ما يُعرف بإسم إختبار ثقه لحكومته إذ أثار قلقهم زيارته لليبيا 1996 فقدموا له مجموعة طلبات لمنع الإنتشار الدينى السياسى من جوانب العبادات و التعليم فى البلاد إلا أنه رفضها مما شكل مبرر لإنقلاب أبيض غريب..إذ قام الجيش بنشر دباباته فى شوارع العاصمه فى 30/6/1997 مما دفع (أربكان) للإستقاله و ترتب الآتى على الإنقلاب:

-1-تولى ( مسعود يلمظ ) رئاسة الوزراء.

-2-فى 1998 تمت محاكمة ( أربكان ) و منعه القضاء ن مزاولة السياسه لخمس سنوات.

-3-أصدر القضاء سلسه من الأحكام القاسيه على المتدينيين من نماذجها منع الحجاب نهائيا بمؤسسات الدوله كلها و إعتباره جريمه إذا تواجد مع إحدى النساء الرسميات كعضوات البرلمان.

-4- حصار الإسلاميين سياسياً بسلسله من العقاب و السجن و منع مزاولة العمل السياسى تماماً لأقل الأسباب .


الجيش فى مخاض الجمهوريه الثانيه:
—————————————–


اليوم تغير الحال مع صقور الجنرال الأشقر..
بوضوح لم يعد الجيش التركى اليوم هو نفسه ذلك الجيش الذى تمرس على ضبط إيقاع الحياه السياسيه فى تركي لأسباب عده ادت فى مجمله الى أن تقل سطوة الجيش فى تركيا منذ وصول حزب العداله و التنميه للحكم..و لعل أذكر أهم الأسباب فى الآتى:
-1-إنتهاء الحرب البارده و سقوط الإتحاد السوفييتى أدى لإنخفاض مستوى الحماس لأى إنقلاب على المستوى الغربى الذى كان يؤيد الإنقلابات خوفاً على نظام الحكم التركى إبان الحرب البارده.
-2- كان وضع الجيش مستقراً بلا ضغوط حقيقيه من الخارج لوقف الإنقلابات الغير مبرره حتى بدأ الحديث عن ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي نهاية العام 1998 هناك فقط وجد الجيش نفسه أمام ضرورة وضع تنازلات عده و تقييد حركته فى سبيل الحلم الأوروبى مما أضعفه سياسياً.
-2-الحزب الحاكم فى تركيا( العداله و التنميه ) حزب ليبرالى و إن سمى نفسه إسلامى فهو متوافق مع الإتجاه الغربى 100% حيث أرسل قواته لأفغانستان بعد الاحتلال الأمريكى فى إطار الناتو و..كذلك يحافظ على الأجنده الرأسماليه فى إطار التعاقد مع صندوق النقد الدولى و تعليماته..أيضاً كافة سياساته قائمه على أسس المصلحه دون أى تطرف دينى بالمره أو حتى إقتراب من الأسس العلمانيه للدوله..إنضمامه لحزب الشعب الأوروبى فى تسليم واضح بإرتباطه بالغرب سياسياً على المستوى الحزبى..أسباب أخرى عديده ألخصها فى جملة ( أربكان):..هم ليسوا إسلاميين مثلنا..أبداً.
-3-إستطاع حزب العداله ضم العديد من أقطاب الصناعه الى صفوفه للإستفاده من كونه حزب حاكم مما أعطى زخم مالى و إعلامى(نصف المؤسسات الإعلاميه الخاصه بتركيا تابعه لرجال اعمال منضمين للحزب)و بالتالى توفر غطاء إعلامى و مالى للحزب.
-4-إستطاع الحزب تحقيق طفره هائله فى مكافحة الفساد و تخفيض الديون و تقليل العجز و رفع مستوى المعيشه اكسبوه شعبيه هائله حتى إنتخابات 2007.
-5-فشل الحزاب القوميه و حزب الشعب فى تشكيل منافس قوى للعداله و التنميه مما إنعكس ضعفاً على موقف الجيش الذى وجد الأحزاب التى ترفع مبادئ الكماليه تتراجع شعبتها بسرعه.
-6-لم يعد الإنقلاب مجدياً ضد العداله و التنميه بسبب إلتزام الحزب كافة مبادئ المؤسس (أتاتورك ) بحيث أنه بالعام 2008 كان حكم الدستوريه العليا ضد الحزب مجرد إنذار بعدما تبين له أن الحزب لم يقلل أو يؤذى مبادئ المؤسس بل شكلت تصرفاته شبهه فقط مما يحول دون حظره مما دفع المحكمه –مضطره-لإنذاره فقط.
-7-لم يقترب الحزب من ملفى البارود..الأكراد و أسلمة تركيا ، حتى مع توجه الحزب لتغيير سياسات ( أتاتورك ) تجاههم لم يقدم على خطوه حقيقيه يرفضها الجيش أو حتى يعترض عليها بالعام 2009 بل حرص على موافقته الكامله قبل مجرد طرح الملف..فى حين لم يفكر فى أى مشروع مستند للدين بالمره إلا فى حالة طرح قانون للسماح للمحجبات بدخول الجامعات و كان بعد هجوم مرير من حزب السعاده و ( نجم الدين أربكان ) ضدهم و بالتالى لم يقوموا بعمل واحد من الممكن ان يؤدى لأسلمة تركيا.
-8-حافظ الحزب على العلاقات أمام الغرب مما أضعف موقف الجيش من الحزب حيث سارع الى الموافقه دون إعتراض على إرسال قوات لأفغانستان و توجه (أردوغان) بنفسه لأفغانستان مؤيداً للتوجه العسكرى التركى.
-9-كذلك لم يمس الحزب العلاقات مع إسرائيل إلا بإذن الجيش..(جدير بالذكر أن الجيش هو من قلص العلاقات العسكريه مع إسرائيل لتعنتها فى تنفيذ صفقات مع الجيش لخصومات سياسيه مع الحكومه و بالتالى تصرفات مثل رفض اشراك اسرائيل فى مناورات 2009 الدوليه مع دول الغرب ، تصرف الجيش الذى أيدته الحكومه و ليس الحزب أو الحكومه مصدره لأن الدستور ببساطه ووضوح لم يعطى له ( للحزب الحاكم و الحكومه ) الحق فى هذا بل جعله بيد الجيش فقط).
-10-أخيراً إستطاع الحزب توجيه ضربه موجعه للجيش حين غير تركيبة مجلس الأمن القومى ليكون مدنيوه أكثر من عسكرييه و بالتالى تضاءلت قدرة الجيش على ضبط العمليه السياسيه فى تركيا.
*من هذا أخلص الى أنه لأسباب دوليه و داخليه تقلص وضع و نفوذ الجيش..و لم يعد قادراً على الإنقلاب او حتى الإعتراض!!
اليوم تحول وضع الجيش فى عهد ( أردوجان ) الى جيش مجمد الدور السياسى و غير قادر على العمل كما إعتاد..و لعل القول بأن نصف قوته السياسيه قد تقلص هو أصدق قول فى وصف حاله اليوم.


عقيدة الجيش التركى:
————————–

إن المقصود بكلمة عقيده لا يمت بالمره للدين..بل أعنى به العقيده الفكريه الأيدولوجيه التى تسيطر عليه..و هنا لا بد من الإشاره الى أن الجيش مؤسسه وطنيه تفتخر بماضيها المجيد إبان حرب الإستقلال قبل التكوين الرسمى مع ظهور الجمهوريه كذلك تعتبر نفسها جزء من الجمهوريه متميز يحميها و يحمى مبادئ مؤسسها و مؤسس الجيش..لذا فمن السهل أن نقول بوضوح أن عقيدة الجيش الفكريه هى الكماليه أو المبادئ التى أرساها ( مصطفى كمال أتاتورك ) و أكد فى دستوره على مسئولية الججيش تجاه النظام مما جعل الجيش يؤكد على هذا فى دستور 1960 و دستور 1983..
تتخلص العقيده الكماليه التى تشكل فكر و رؤية الجيش فى نقاط عده:
*1*..العلمانيه بمفهوم ( مصطفى كمال ) عنها.
*2*..القوميه التركيه بالشامله.
*3*..الإرتباط بالغرب على أسس عديده أهمها أن تركيا غربيه بل و أوروبيه.
*4*..دور الجيش المقدس فى حماية النظام.
إلا أننا لا بد أن نشير الى أن هناك عدة مبادئ أخرى أرساها ( أتاتورك ) و تساهل الجيش فى عدم الإلتزام بها:
*1*..دور الدوله الإقتصادى القوى الإشتراكى الذى أسسه ( مصطفى كمال ) مع الجمهوريه لحماية الفلاحين و طبقات الأتراك الفقيره ، هذه الفكره الإقتصاديه التى كانت من الأسباب الرئيسيه لإنقلاب 1960 حين خالفها ( مندريس ) و أعاد الجيش تأكيدها فى دستور 1960..هذه الفكره تنازل الجيش عنها تحت ضغوط غربيه إبتداءً من عهد ( توجرت أوزال ) ليبرالى الإتجاه الذى أدخل تركيا رسمياً فى حلبة الرأسماليه بلا إعتراض من الجيش لدرجة أن تركيا رسمياً من 2001 من الدول التى تتعامل مدينةً من صندوق النقد الدولى و قد أفرج صندوق النقد الدولي عن 3.65 مليارات دولار هي الدفعة الأخيرة من قرض تناهز قيمته الإجمالية 10 مليارات دولار بدأ تقديمه لتركيا منذ العام 2005 بديلاً عن قرض سابق من 2001 الى 2004و لم يعترض الجيش تحت ضغوط اوروبيه.
*2*..الحزب الواحد (حزب الشعب) هو النظام الذى أرساه مؤسس الدوله لضمان عدم حدوث معارضه و لضمان إستقرار سياسى يسمح له ببناء الدوله..هذا منذ العام 1946 غير متواجد بل تم تأليف حزبين أحدهما يطالب بالخلافه!!..لم يعترض الجيش لأسباب عده اهمها أن الحاكم وقتها كان ( إينونو ) الذى هو رفيق الكفاح الكخلص ( لأتاتورك ) و بالتالى الأمر يصعب تغييره كذلك رحبت أوروبا بهذا بشده مما أحرج موقف الجيش و لم يشأ أن يتدخل خصوصاً مع تأكيدات سابقه ( لأتاتورك ) على أنه يريد تعدديه و ديموقراطيه فى الوقت المناسب.
*3*..مبدأ سلاكم فى العالم تجاوزه الجيش نفسه قليلاً حين توجه متطوعاً ضمن قوات دوليه لكوريا محققاً إنجازات إسطوريه بالعام 1951 و منقذاً لأرواح آلاف من الجنود الأمريكيين فى معارك شهيره كانت لتنتهى بمجازر للأمريكيين لولا الجيش التركى..هذا ساهم بشده فى إنضمام تركيا للناتو و كان هذا غرض الجيش من الأساس..فهم لم يتخلوا عن مبدأ سلام فى العالم بل تجاوزوه قليلاً ليتم إنضمامهم للناتو..بالتالى فالجيش نفسه قد رأى ضرورة تجاوز مبدأ هام للمؤسس من أجل المصلحه.

——————————————

خاتمه:
أعلم أننى أطلت جداً على القارئ لكن الصدق فى رصد احداث الجيش فى تسعين عاماً هو ما دفعنى للإطاله..إننى اتمنى ان أكون قد رصدت الأمر جيداً و حققته دون أخطاء مقصوده..و تبقى صقور الجنرال الأشقر حاميه لمبادئه و تبقى تركيا خاصة ( أتاتورك )..